الحديث
عن أبي نجـيـج العـرباض بن سارية رضي الله عنه، قال: وعـظـنا رسول الله صلي الله عليه وسلم موعـظة وجلت منها القلوب، وذرفت منها الدموع، فـقـلـنا: يا رسول الله ! كأنها موعـظة مودع فـأوصنا، قال: { أوصيكم بتقوى الله، والسمع والطاعة وإن تأمر عليكم عبد، فإنه من يعــش منكم فسيرى اخـتـلافـا كثيراً، فعـليكم بسنتي وسنة الخفاء الراشدين المهديين عـضو عـليها بالـنـواجـذ، واياكم ومـحدثات الأمور، فإن كل بدعة ضلاله
[رواه أبو داود:4607، والترمذي:2676، وقال: حديث حسن صحيح]
فوائد الحديث
1-حرص النبي صل الله عليه وسلم على موعظة أصحابه، حيث يأتي بالمواعظ المؤثرة التي توجل لها القلوب وتذرف منها الأعين
ومنها: أن الإنسان المودع الذي يريد أن يغادر إخوانه ينبغي له أن يعظهم موعظة تكون ذكرى لهم، موعظة مؤثرة بليغة، لأن المواعظ عند الوداع لا تنسى
ومنها: الوصية بتقوى الله عزوجل، فهذه الوصية هي وصية الله في الأولين والآخرين لقوله تعالى: وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّه
ومنها: الوصية بالسمع والطاعة لولاة الأمور وقد أمر الله بذلك في قوله: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ [النساء:59]... وهذا الأمر مشروط بأن لا يؤمر بمعصية الله، فإن أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة في معصية الله لقول النبي صل الله عليه وسلم : { إنما الطاعة في المعروف } ومن هنا نتبين الفائدة في قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ [النساء:59] ... حيث لم يعد الفعل عند ذكر طاعة أولياء الأمور بل جعلها تابعة لطاعة الله ورسوله
2-حرص النبي صل الله عليه وسلم على موعظة أصحابه كما أنه حريص على أن يعظهم أحياناً بتبليغهم الشرع، فهو أيضاً يعظهم مواعظ ترقق القلوب وتؤثر فيها
ومنها: أن ينبغي للواعظ أن يأتي بموعظة مؤثرة في الأسلوب وكيفية الإلقاء ولكن بشرط ألا يأتي بأحاديث ضعيفة أو موضوعة، لأن بعض الوعاظ يأتي بالأحاديث الضعيفة والموضوعة يزعم بأنها تفيد تحيرك القلوب، ولكنها وإن أفادت في هذا تضر، فقد ثبت عن النبي صل الله عليه وسلم أنه قال: { من حدث عني بحديث يرى أنه كذب فهو أحد الكذابين
3-أن العادة إذا أراد شخص أن يفارق أصحابه وإخوانه فإنه يعظهم موعظة بليغة، لقوله: { كأنها موعظة مودع
ومنها: طلب الوصية من أصحاب العلم.
ومنها: أن لا وصية أفضل ولا أكمل من الوصية بتقوى الله عز وجل، قال تعالى: وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ [النساء:131]، وقد سبق شرحها
ومنها: الوصية بالسمع والطاعة لولاة الأمور وإن كانوا عبيداً لقوله : { والسمع والطاعة وإن تأمر عليك عبدٌ } لأن السمع والطاعة لهم تنتفي به شرور كثيرة وفوضى عظيمة
4-ظهور آية من آيات الرسول صل الله عليه وسلم حيث قال: { من يعش منكم فسيرى اختلافاً
كثيراً } والذين عاشوا من الصحابة رأوا اختلافاً كثيراً كما يعلم ذلك من التاريخ
5-لزوم التمسك بسنة الرسول عليه الصلاة والسلام لا سيما عند الاختلاف والتفرق
ولهذا قال: { فعليكم بسنتي }
ومنها: أنه ينبغي التسمك الشديد حتى يعض عليها بالنواجذ، لئلا تفلت من الإنسان
6-التحذير من محدثات الأمور، والمراد بها المحدثات في الدين، وأما ما يحدث في الدنيا فينظر فيه إذا كان فيه مصلحة فلا تحذيرمنه، أما ما يحصل في الدين فإنه يجب الحذر منه لما فيه التفرق في دين الله، والتشتت وتضيع الأمة بعضها بعضاً
7- أن كل بدعة ضلالة، وأنه ليس في البدع ما هو مستحسن كما زعمه بعض العلماء، بل كل البدع ضلالة فمن ظن أن البدعة حسنة فإنها لا تخلو من أحد أمرين: إما أنها ليست بدعة وظنها الناس بدعة، وإما أنها ليست حسنة وظن هو أنها حسنة، وأما أن تكون بدعة وحسنة فهذا مستحيل
بقول النبي صل الله عليه وسلم : { فإن كل بدعة ضلالة
المفضلات