كم يمتلكني الأسى كلما أشار لي موظف الأمن بأن أختار الطريق من خلال الأبواب الجديدة التي بدأت تحتلُّ مداخل الجامعة الأردنية، كأنَّ به يريد أن يُريني الحقيقة التي أبغض، أو كأن بتلك الحقيقة غَصَّةً تدعونا –رغماً عنّا- بأنْ نتناول جدليتها التي تدعو إلى الأسف.
جامعتنا، وبفترة سريعةٍ، قامت بتغيير الهويات الجامعية لجميع طُلابها، لتطبق من بعدها فكرة الأبواب الحديدية رغبةً منها بأنْ تُقلل من حالات الدخول الغير شرعي لمن هو من دون هذه الفئة، ولأسبابٍ أخرى تندرجُ بمضمونها تحت هذا البند، تم هذا التغيير النوعيُّ في فترة سريعةٍ جداً حبذا لو كان هدفها أكثر أهميةً وأكثر ارتباطاً بالواقع التعليمي المتراجع للجامعة.
يعتقدُ الناظر للموضوع بشكلٍ سطحيٍّ أنْ مِثل هذا الأمر هو ايجابيٍّ سيمنع حالات العنف الجامعي والمشاكل الأخرى التي بدأت تؤرِّقُ مجتمعنا الأردنيّ، أو أنَّه من خلاله سنبدأ بأولِّ خطوةٍ للقضاء على هذه الآفة الخطيرة، وهذا أمرٌ محمود، ولكنَّ الواقع يشير إلى عكس ذلك، فلا يمكن أن تقضي على مفهوم مغلوطٍ بأن تضع رقابةً سطحيةً عليه، فلا يختلف دور هذه الأبواب عن دور الأمن الجامعي السابق، ولن تمنع دخول الطالب "المشكلجي" ولن تُميِزَ بين من يقصد الشرَّ من غيره، ولن يفيد وضع آلات تفتيشٍ على أبواب الجامعات أيضاً، فالمشكلة الحقيقة تكمن في عمق الفهم الطلابي العام وليس في حصر الدخول على فئة الطلاب من الجامعة الأردنية.
حبذا لو استخدمت الجامعة هذه الأموال في أمرٍ أكثر أهمية كصيانة المختبرات ورفع سوية نوعية التعليم المُقدّم، أو في سلسلةٍ من النواقص اللامعدودة التي تفصلنا عن الالتحاق بدرب الباحثين عن مكان لهم بين المتميزين، أو ليتها استخدمتها في سدِّ عجزها المالي أو في تحسين مرفقاتها، فمهما كان الهدف يبقى سامياً إنْ قورن بهذه الأبواب التي لم تُضف شيئاً على الواقع الملموس.
ما يدعو للأسف أيضاً هو أننا نخجل من أن نرى أبواباً كخاصة السجون على مداخل جامعتنا، كون أننا لم نرتكب جُرْماً سوى أنْ طلبنا العِلم، وسعينا إليه، ومن ثَمَّ فإنَّ الجامعة الأردنية انعكاسٌ للمجتمع الأردنيِّ ككل، فلتعلموا أنْ من طلابها المجد، والكسول، والهادئ، والعصبيّ، والذي يحضر ليتعلم، والذي يحضر لأهدافٍ أُخرى، وأن فيها من يستطيع إثارة المشاكل لوحده بلا أدنى معونة فاستثمروا في إصلاح الفِكر، ولا تضيعوا أموالكم في سبيل لا شيء، ولتعلموا أنَّ هدف الجامعة الأول والأهم هو التعليم، فلتنفقوا في سبيله.
سامر أحمد الحديدي
كلية الطب-الجامعة الاردنية
المفضلات