أبواب المساعدة للمشروع أغلقت فجأة منذ خمس سنوات
الأردن يكشف سر عرقلة مشروعه النووي.. تحريض العدو الصهيوني.. والتصور المتداول تخطيط تل ابيب لإضعاف المملكة اقتصاديا

يختصر جلالة الملك عبد الله الثاني الكثير من الدلالات السياسية الحرجة وهو يتحدث عن اهتمام الكيان الصهيوني ودول اخرى في المنطقة لم يحددها بان لا تتحول المملكة الاردنية الهاشمية لدولة تتمتع بالقوة الاقتصادية.
جلالة الملك قال ذلك بطبيعة الحال في معرض تعليقه على موقف الكيان الصهيوني التآمري على المشروع النووي الاردني، مشيرا في حديث نشرته صحيفة "وول سترت جورنال" امس الاول الى ان (اسرائيل) تحركت لاحباط مساعي الاردن بخصوص اقامة مشروع نووي لاغراض سلمية تتعلق بالطاقة والنشاط الاقتصادي.
ورغم ان الاعلام الرسمي الاردني وكالعادة تجنب السير على طريق الرسالة الملكية فيما يخص حالة عداء صهيونية واضحة للمصالح الاردنية، الا ان الملك تحدث بالتفاصيل ملمحا الى ان الجانب الصهيوني تدخل لدى فرنسا وكوريا الجنوبية وحرضهما على عدم بيع التكنولوجيا النووية للاردن.
وهذه عمليا المرة الاولى التي يتحدث فيها الملك علنا عن هذا الموضوع رابطا بينه وبين العلاقات شبه المقطوعة او المعطلة مع الكيان الصهيوني .
وتنطوي العبارة المتعلقة باهتمام (اسرائيل) ببقاء الاردن اقتصاديا في حالة ضعف على النقاط الاكثر اهمية في هذا السجال العلني الذي قررت عمان الذهاب اليه والكشف عنه عبر وسائل الاعلام الغربية، فمحور الخطاب هنا ان الكيان الصهيوني لا يخشى عمليا حصول الاردن على مشروع نووي يمكن ان يستخدم ضدها ويعرف بأن ابعاد المسألة بالنسبة للاردنيين اقتصادية بحتة ولكنها لاهداف لم يعلنها الملك وتتحدث عنها النخب الاردنية دوما مهتمة ببقاء الاردن "على الحافة الاقتصادية" فقط.
هذا الموقف الصهيوني يرتاب به الاردنيون دوما ويعتبرونه مؤشرا على وجود نوايا بأجندة سياسية يحاول كيان العدو فرضها عليهم ونخب عمان تتحدث عن تفكير الكيان الصهيوني جديا بترحيل فلسطيينيين من الضفة الغربية باتجاه الشرقية وتصدير ازماته الداخلية شرق نهر الاردن.. لذلك يقول سياسي رفيع المستوى قال الملك عبد الله في خطابه الاخير بعمان بأنه لن يسمح بأي حلول للقضية الفلسطينية على حساب الاردن والاردنيين ولن يقبل اي دور للاردن في الضفة الغربية".
والعبارات الاخيرة تحلل سياسيا اهداف الاتهام الاردني لتل ابيب بالتخريب على النووي الاردني السلمي، فعمان تراهن اقتصاديا وبقوة على النووي لتنشيط دورتها الاقتصادية والخروج من ازمة الطاقة وتوفير موارد مائية واستثمارات تستغل اليورانيوم الموجود بكثافة في الصحراء الاردنية.
وبهذا المعنى يصبح الهدف الصهيوني ليس الخوف من النووي الاردني لاسباب امنية او عسكرية انما لاسباب اقتصادية وبالتالي لاسباب سياسية لاحقة وهو ما تلمح له المؤسسة الاردنية وهي تتحدث عن اطراف في المنطقة لا تريد تمتع الاردن بالقوة الاقتصادية.
والاتهامات المباشرة للصهاينة هذه المرة تعكس الانطباع بأن عمان ضاقت ذرعا باسقاط تل ابيب لحسابات مصالحها الحيوية خصوصا مع تعاظم الازمة المالية للاردن واتجاه الحكومة مضطرة في الايام القليلة المقبلة لسلسلة قرارات صعبة ومؤلمة على الصعيد الشعبي، قد تتضمن فرض ضريبة على المحروقات وزيادة الاسعار بشكل عام.
وتكشف الاتهامات بالتالي عن ابعاد الحسابات السياسية الاردنية في اظهار الضيق والتبرم من الصهاينة، وعليه تفسر مستوى البرود العدائي في العلاقات السياسية حيث تجمدت عملية التطبيع والتعاون في كل المجالات مقتصرة على مراسلات رسمية تخص مواطنين اردنيين بين الخارجية الصهيونية والسفارة الاردنية في تل ابيب.
وجزئية المباشرة في تصريح الملك عبد الله الثاني متعلقة على الاغلب بالصعوبات التي واجهها مشروع النووي الاردني الذي يراهن عليه الاردنيون كثيرا لانعاش اقتصادهم الضعيف حيث اكتشفت قبل خمس سنين كميات كبيرة من معادن اليورانيوم في الاردن تم الرهان عليها في تحقيق مساحات استثمارية تسمح للاقتصاد الاردني بالاسترخاء.
ولانجاز ذلك توجهت عمان لعدة دول اوروبية وللولايات المتحدة ولاحقا لكوريا الجنوبية وفرنسا، وفي كل مكان تتوجه طلبا للمساعدة التقنية في المشروع النووي تحصل على وعود ثم تتعطل المسألة فجأة، واليوم يكشف الملك شخصيا عن سر وسبب هذا التعطيل وهو "التحريض الصهيوني" على الاقل في الحالتين الفرنسية والتركية.
المصدر : الحقيقة الدولية – القدس العربي 16.6.2010
المفضلات