تعذيب ومعاملة قاسية بمراكز الإصلاح والتأهيل وأماكن التوقيف
منظمة العفو الدولية تدعو الأردن للتحقيق في مزاعم "أعمال قتل على أيدي الشرطة"

وجهت منظمة العفو الدولية "أمنستي" سيلا من الانتقادات لما قالت إنه "أنباء عن التعذيب وغيره من صنوف المعاملة القاسية" في مراكز الإصلاح والتأهيل وأماكن التوقيف.
وانتقدت، في تقرير أصدرته أول من أمس ، قانون الجمعيات باعتبار أنه "يفتح الطريق لمزيد من التدخل الحكومي في أنشطة منظمات المجتمع المدني"، كما طاولت انتقادات المنظمة واقع حقوق المرأة في المملكة، وكذلك أوضاع عاملات المنازل و"اللاجئين" العراقيين، فضلا عن حرية التعبير والاجتماع وسواها من جوانب حقوق الإنسان.
وفي التفاصيل، أشار التقرير إلى "ورود أنباء جديدة عن التعذيب وغيره من صنوف المعاملة على الرغم من التعديلات على قانون أصول المحاكمات الجزائية والتي خفضت إلى النصف المدة القصوى المسموح بها للاحتجاز من دون تهمة، لتصبح شهراً في قضايا الجنح وثلاثة أشهر في قضايا الجنايات". كما نصت التعديلات على ضرورة تصديق القضاء على طلبات احتجاز المشتبه بهم لتلك المدد.
وتطرقت المنظمة إلى تقرير المركز الوطني لحقوق الإنسان الصادر في نيسان (ابريل) الماضي، والذي كشف النقاب عن تلقي شكاوى من سجناء، أثناء قيامه بزيارات تفتيشية غير معلن عنها سلفاً إلى بعض السجون، "تفيد بتعرضهم للضرب وغيره من صنوف المعاملة السيئة على أيدي الحراس".
وأشار التقرير إلى أن بعض مرتكبي هذه الأفعال "قد يفلتون من المحاسبة، لأن الآثار البدنية عادةً ما تكون عارضةً، فضلاً عن عدم وجود شهود مستقلين في كثير من الأحيان".
و"أفادت الأنباء أن آلاف الأشخاص قد احتُجزوا بموجب قانون منع الجرائم لعام 1954، والذي يخول المحافظين سلطة التصريح بالقبض على أي شخص إذا اشتُبه بأنه ارتكب جريمة أو يعتبر خطراً على المجتمع وسلطة احتجازه من دون تهمة أو محاكمة إلى أجل غير مسمى"، بحسب التقرير.
كما لفت التقرير إلى أنه حوكم عشرات الأشخاص المتهمين بجرائم تتعلق بالإرهاب أو بأمن الدولة أمام محكمة أمن الدولة، التي تعد الإجراءات المتبعة فيها "مخالفة للمعايير الدولية للمحاكمة العادلة".
وقال إن "المحكمة واصلت على وجه الخصوص، قبول اعترافات ادعى المتهمون أنها انتُزعت تحت وطأة التعذيب في فترة الاحتجاز السابق للمحاكمة، باعتبارها أدلة إدانة، وذلك من دون اتخاذ خطوات كافية للتحقيق في تلك الادعاءات، على ما يبدو".
ومع ذلك قررت محكمة التمييز في أيلول (سبتمبر) الماضي نقض أحكام السجن مدى الحياة التي صدرت على ثمانية أشخاص زُعم أنهم كانوا يخططون لهجوم إرهابي في العام 2004 بعدما خلصت المحكمة إلى أن اعترافات المحكوم عليهم
قد انتُزعت بالإكراه ما يعني أنها باطلةً.
وفي مجال حرية التعبير والاجتماع وتكوين الجمعيات، لفت التقرير إلى أنه بدئ العمل بقانون الجمعيات الجديد في أيلول (سبتمبر) الماضي، الذي اعتبر التقرير أنه "يزيد" من سيطرة الحكومة على التسجيل القانوني للمنظمات غير الحكومية وعلى عملها وأنشطتها.
كما يجيز "تدخل" السلطة التنفيذية في شؤون هذه المنظمات ويلزمها بالحصول على موافقة رسمية قبل تلقي أموال من الخارج، وفقا للمنظمة.
وأظهر التقرير "أن أفراد الدرك اتُهموا بالإفراط في استخدام القوة لتفريق مظاهرة، كانت سلمية في أغلبها، بمنطقة الرابية في عمان يوم 9 كانون الثاني (يناير) الماضي، حيث كان قرابة ثلاثة آلاف شخص قد تجمعوا احتجاجاً على الهجمات الإسرائيلية على قطاع غزة".
وأضاف "قام ضباط الدرك بتفريقهم بالقوة ومن دون تحذير مسبق على ما يبدو، وذلك باستخدام الهراوات وخراطيم المياه وقنابل الغاز المسيل للدموع".
فيما قالت مديرية الأمن العام إنها ستجري تحقيقاً في الواقعة، ولكن "انقضى العام من دون الإعلان عن أي نتائج"، وفقا للتقرير.
وفيما يتعلق بحقوق المهاجرين (الخادمات في المنازل)، أشار التقرير إلى أن عشرات الألوف من الخادمات الأجنبيات بقين يواجهن "انتهاكات اقتصادية وبدنية ونفسية على أيدي المخدومين وممثلي وكالات التوظيف".
وكان معدل الانتحار أو الشروع في الانتحار في أوساط هؤلاء الخادمات الأجنبيات "أعلى" من مثيله لدى النساء الأخريات في الأردن.
واستند التقرير في ذلك إلى ما نشرته صحيفة "الغد" في آذار (مارس) الماضي أن إحصائية رسمية تفيد "أن 25 خادمة تُوفين خلال الشهور الثلاثة الأولى من العام 2009، حيث انتحرت 18 منهن، بينما تُوفيت السبع الأخريات من جراء المرض".
وفي تشرين الأول (اكتوبر) الماضي، أعلنت وزارة العمل أن 14 خادمة من سريلانكا "حاولن الانتحار" خلال العام الماضي، قائلة إن لذلك "صلةً" بظروف عملهن على ما يبدو.
وفي آب (أغسطس)، أصدرت السلطات الأردنية قواعد جديدة بموجب قانون العمل لتنظيم ظروف العمل بالنسبة للعاملين في مجال الخدمة بالمنازل، بما في ذلك الأجانب.
ونصت القواعد على تحديد الحد الأقصى لساعات العمل، والحق في العطلات والإجازات المرضية، بالإضافة إلى حق الخادمات في الاتصال بعائلاتهن بصفة منتظمة.
وعلى الرغم من أن القواعد تعالج مسائل مهمة، فإنها تتسم بصياغات فضفاضة وتتسع لتفسيرات شتى في بعض الجوانب، كما أنها لم تنص على آليات لتحديد الأجور بما يكفل حل المشاكل القائمة منذ زمن طويل فيما يتعلق بعدم دفع الأجور أو تدنيها، بحسب التقرير.
ولا توفر القواعد، بحسب المنظمة، "ضمانات فعالة لحماية العاملين في مجال الخدمة بالمنازل، وأغلبيتهم الساحقة نساء، من العنف البدني والإيذاء الجنسي على أيدي المخدومين، كما أنها تعرض الخادمات للخطر، على ما يبدو، إذ تلزمهن بالحصول على موافقة المخدومين قبل مغادرة منازلهم". وحول "اللاجئين" العراقيين (كما وصفهم التقرير)، ما يزال الأردن يؤوي نحو 450 ألف لاجئ عراقي، معظمهم وصلوا إلى الأردن في أعقاب غزو بلادهم الذي قادته الولايات المتحدة الأميركية العام 2003.
وظل وجود كثيرين منهم محفوفاً بالمخاطر، لافتقارهم إلى الوضع القانوني وإلى سبل الحصول على عمل أو مساعدات من الدولة، تبعا للمنظمة. وبخصوص جرائم الشرف، أفاد التقرير أن الأنباء أوردت أن 24 سيدة وفتاة "قد قُتلن في جرائم القتل دفاعاً عن الشرف على أيدي أفراد من أسرهن" خلال العام الماضي.
وما يزال مرتكبو أعمال القتل هذه "يتمتعون بميزة الحصول على أحكام مخففة لا تتناسب مع الجرم بموجب المادة 98 من قانون العقوبات، التي تجيز للمحاكم إصدار حكم بالسجن لمدة لا تقل عن ثلاثة أشهر على المتهم الذي ترى أنه ارتكب جريمة القتل في سورة غضب شديد ناتج عن عمل غير محق أتاه المجني عليه وعلى جانب من الخطورة".
ووفق التقرير فإنه في آب (اغسطس) الماضي أنشأت السلطات الأردنية محكمة خاصة لمحاكمة المتهمين في جرائم الشرف.
وفي أيلول (سبتمبر) الماضي، صرح وزير العدل بأن الحكومة تعتزم تعديل قانون العقوبات، بما في ذلك المادة 98، إلا أن التعديلات المقترحة "لم تكن قد أُقرت بحلول نهاية العام".
يذكر أن الحكومة أجرت تعديلات على قانون العقوبات، ومنها المادتان 97 و98، حيث نصت التعديلات التي صدرت كقانون مؤقت على "عدم تطبيق أحكام العذر المخفف المنصوص عليه في المادتين 97 و98 على الجنايات الواقعة على القاصر الذي لم يكمل الخامسة عشرة من عمره أو على أنثى مهما بلغ عمرها، وذلك مع بقاء حكم العذر المخفف الوارد في المادة 340 والذي ينطبق في حالة التلبس بجرم الزنا ووفق الأحكام والشروط الواردة في تلك المادة".
وفي أيار (مايو) الماضي، قال التقرير إن الحكومة أبلغت الأمين العام للأمم المتحدة أنها ستسحب تحفظاتها على المادة 15 من اتفاقية القضاء على أشكال التمييز ضد المرأة "سيداو" التي تكفل لها حرية التنقل واختيار مكان إقامتها، ولكنها ستبقي على تحفظاتها بخصوص بنود أخرى فيها بما في ذلك البنود التي تكفل المساواة بين الرجل والمرأة بموجب القانون.
وحول عقوبة الإعدام، أوضح التقرير أنه صدرت أحكام بالإعدام على ما لا يقل عن 12 شخصاً.
وأعلن وزير العدل أن أحكام الإعدام الصادرة ضد أربعة قد أصبحت نهائية بعد استنفاد جميع سبل الاستئناف، وأن 40 شخصاً كانوا مسجونين على ذمة أحكام بالإعدام.
وفي نيسان (ابريل) الماضي، أعلنت وزارة العدل أن قانون العقوبات سيُعدل من أجل إلغاء عقوبة الإعدام بالنسبة لعدد من الجرائم، إلا أن جريمة القتل العمد مع سبق الإصرار ستظل، على ما يبدو، من الجرائم التي يُعاقب عليها بالإعدام، تبعا للتقرير.
ولم تكن التعديلات المقترحة قد حصلت على موافقة البرلمان، وفق التقرير الذي دعا الأردن إلى "ضرورة إجراء تحقيقات وافية بخصوص ما يُشتبه بأنها أعمال قتل على أيدي الشرطة".
من جهتها، قالت مصادر حكومية مسؤولة إن الحكومة لم تصلها نسخة من التقرير السنوي لمنظمة العفو الدولية، فيما ستقوم حال تلقيها نسخة منه بالتباحث مع الجهات المعنية للرد على مضامين التقرير.
وكان مصدر في مديرية الأمن العام قال، إلى "الغد"، إن مديرية الأمن العام "ليست مخولة بالرد على تقارير دولية، وإن صاحبة الصلاحية بذلك هي الحكومة".
وذكر أن مديرية الأمن العام تملك الصلاحية للرد على تقارير منظمات مجتمع مدني محلية مثل المركز الوطني لحقوق الإنسان.
المصدر : الحقيقة الدولية – الغد - فرح عطيات 28.5.2010
المفضلات