محللون يشيرون لـ "الحقيقة الدولية" للأصابع الصهيونية.. تقاسم مياه نهر النيل يولد أزمات دبلوماسية بين دول المنبع

الحقيقة الدولية – القاهرة – مصطفى عمارة
كشف الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى عن الإعداد حالياً لعقد قمة عربية أفريقية قبل نهاية العام الجاري لبحث أزمة مياه النيل، وذلك بعد توقيع 5 من دول حوض النيل على اتفاقية إطارية تسعى من خلالها لتغيير الترتيبات التاريخية لاقتسام النيل، وهو ما ترفضه مصر والسودان.
يأتي هذا فيما تشهد القاهرة تحركات مكثفة لبحث أزمة مياه النيل، حيث التقى الرئيس المصري حسني مبارك رئيس الكونغو الديمقراطية جوزيف كابيلا، ورئيس الوزراء الكيني رايلا أودينغا.
ووقعت كينيا على الاتفاقية الإطارية لدول حوض النيل، لتنضم بذلك إلى 4 دول هي (إثيوبيا وأوغندا وتنزانيا ورواندا) التي سبق أن وقعت الاتفاقية التي تسعى من خلالها لتغيير الترتيبات التاريخية لاقتسام مياه نهر النيل، فيما يتوقع انضمام بوروندي وجمهورية الكونغو الديمقراطية إلى الاتفاقية خلال عام.
وتقضي الاتفاقية بإنشاء مفوضية دائمة لإدارة مياه النيل، وتمنح الاتفاقية المفوضية الجديدة سلطة الاعتراض على مشروعات الطاقة والري في الدول الموقعة.
وأعلنت مصر رفضها الاتفاق مؤكدة معارضتها لأي اتفاق "يمس حصتها من مياه النيل وحقوقها التاريخية" في هذا النهر.
ونهر النيل الذي يمتد على نحو 6700 كلم يتكون من التقاء النيل الأبيض، الذي ينبع من بحيرة فيكتوريا (أوغندا، كينيا، تنزانيا) والنيل الأزرق ومنبعه بحيرة تانا في إثيوبيا.
ويلتقي النهران في الخرطوم ليشكلا نهرا واحدا يعبر مصر من جنوبها إلى شمالها ليصب في البحر المتوسط.
وبموجب الاتفاق الحالي بشأن تقاسم مياه النهر الذي أعدته بريطانيا عام 1929، وتمت مراجعته عام 1959، فإن حصة مصر قدرها 55,5 مليار متر مكعب من مياه النهر بينما يبلغ نصيب السودان 18,5 مليار متر مكعب.
كما يمنح هذا الاتفاق القاهرة حق الفيتو في ما يتعلق بكل الأعمال أو الإنشاءات التي يمكن أن تؤثر على حصتها من مياه النهر، التي تمثل 90 بالمائة من احتياجاتها المائية.
وتعترض باقي دول حوض النيل على هذا التوزيع، وانتهى اجتماع تشاوري عقد الشهر الماضي في شرم الشيخ بخلاف معلن بين مصر والسودان من جهة والدول الإفريقية السبع الأخرى من جهة ثانية.
وتخشى القاهرة والخرطوم أن يؤثر هذا الاتفاق الإطاري الجديد على حصتيهما من مياه النيل إذ يتضمن إقامة العديد من مشروعات الري والسدود المائية المولدة للكهرباء في دول المنبع.
ولا يشير النص الجديد إلى أي أرقام، للحجم أو الأمتار المكعبة، للتقاسم المقبل للمياه لكنه "يلغي" اتفاقي 1929 و1959.
أختراق صهيوني
ورأى عميد معهد الدراسات الأفريقية في جامعة القاهرة الدكتور محمد أبو العنيني، أن الدور الإقليمي المصري تأثر سلبا بسبب تغيير أولويات السياسة المصرية والتركيز على الداخل على حساب الخارج مما أعطى الفرصة لكيان العدو الصهيوني لإختراق الدول الأفريقية وخاصة دول المنبع لنهر النيل.
وأشار أبو العنيني إلى ان بدائل العمل الإقليمي في ذلك الوقت تتمثل في إقامة جبهة مصرية سودانية قوية باعتبار ان السودان حجر الأساس وذلك بإعادة اتفاقية الدفاع المشترك مع هذا البلد أو على الأقل التلويح بها مع الحرص على تعامل مصر مع السودان باعتباره بلدا واحدا بنظامين لأهمية جنوب السودان.
وقال خبير المياه ورئيس جامعة المنوفية الأسبق الدكتور مغاوري دياب، ان النظرة الموضوعية لطبيعة حوض النيل تؤكد ضرورة الاهتمام بمنطقة وسط وجنوب السودان مؤكدا ضرورة تغير سياسة مصر المائية بشكل جذري سواء تعلق ذلك التغيير بالشخصيات أو الآليات بهدف الابتعاد عن العمل الفردي.
وأضاف ان هناك تكتلا ضد السياسة المصرية من قبل دول الحوض بعد توقيع كينيا وانضمام الكونغو للاتفاقية بشكل يؤكد ان مصر تتعرض للابتزاز لا ينفع معه استمرار التفاوض في المرحلة الحالية لان مصر لا يجب ان تخضع لأي ضغوط.
وقال أستاذ المياه المتفرغ بمركز البحوث المائية الدكتور ضياء الدين القوصي، إذا كانت مصر والسودان جادتين في التصدي للملف فيجب البدء على الفور في تنفيذ المشروعات التي طرحها كبار الأساتذة منذ عشرات السنين للاستثمار في أفريقيا.
وأكد مساعد وزير الخارجية الأسبق وعضو المجلس المصري للشؤون الخارجية السفير نبيل بدر، على ضرورة بدء مشروعات تنموية في جنوب السودان لتعزيز الموقف المصري في التفاوض ولتعويض النقص المائي المحتمل مشككا في إمكانية لعب الجامعة العربية أو الدول العربية دورا مؤثرا لدعم مصر في قضيتها مع دول الحوض.
وحذر رئيس برنامج دراسات السودان وحوض النيل في مركز الأهرام للدراسات الإستراتيجية الدكتور هاني رسلان، من الاستناد إلى التحالف السوداني، مبينا ان الجنوب السوداني له لسانين يتحدث بأحدهما إلى مصر وبالآخر إلى أثيوبيا ولا يمكن الوثوق في موقفه في الوقت الحالي.
المصدر : الحقيقة الدولية – القاهرة – مصطفى عمارة 24-5-2010
المفضلات