ابواب
العشوائيات يسكنها 16 مليوناً وأطفالها في الشوارع
اثار خروج الاف المحتجين من سكان ضاحية تعاني من نقص الخدمات على مشارف القاهرة لقطع طريق دائري يحيط بالعاصمة المصرية مخاوف من آثار الفشل في حل مشاكل المناطق العشوائية بالبلاد وهي خطوة يرى بعض الخبراء انها لن تتحقق في القرن الحالي على الاقل.
واشتبك اهالي منطقة جزيرة محمد مع قوات الامن يوم الجمعة الماضي بعدما تجمهر الالاف من الاهالي وقطعوا طريقا دائريا حيويا حول القاهرة احتجاجا على نقل تبعية منطقتهم الى محافظة 6 اكتوبر التي انشئت حديثا. واثار قرار النقل مخاوف الاهالي من نزع ملكية اراض لهم ضمن مشروعات تطوير المناطق العشوائية. واصيب أكثر من 40 شخصا واعتقل العشرات في الاشتباكات.
وقالت سعاد عبد الرحيم استاذ الاجتماع بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية ان العشوائيات تنشأ عادة على اطراف المدن وقرب السكك الحديدية.
واضافت انه للقضاء على المناطق العشوائية لابد من «مخطط اساسي يختص بها» ويوحد جهود المتعاملين مع المشكلة «لكننا نفتقر لخريطة متكاملة للعشوائيات في مصر».
وقال ابو زيد راجح رئيس المركز القومي لبحوث الاسكان والبناء سابقا ان المناطق العشوائية في مصر يسكنها حوالي 16 مليون نسمة. واضاف ان «العشوائيات ظاهرة خارجية لمشكلة اعمق» تتمثل في عدم التوسع السكاني خارج الوادي والدلتا. واشار الى ان الكثافة السكانية في القاهرة تعادل خمس مرات كثافة السكان في باريس.
ويعيش اكثر من 90 في المئة من سكان مصر في الوادي الذي يمثل اربعة في المئة من مساحة البلاد.
وقال راجح ان المشكلة لا تحظى بالاهتمام الكافي وانه في غياب التعامل مع الانتشار السكاني خارج الوادي كهدف قومي «ستبقى العشوائيات خلال القرن الواحد والعشرين وما بعده.»
واضاف ان تزايد حدة المشكلة يرجع لعدم وقف الهجرة من الريف للمدن الكبرى وعدم تركيز سياسات الاسكان حديثا على محدودي الدخل بدلا من الاسكان المتوسط والفاخر.
واعتبر ممدوح الولي الصحفي ومؤلف كتاب «العشوائيات والعشش» ان اهتمام الدولة بالمناطق العشوائية يرجع «لدواع امنية وليس لاسباب انسانية او اجتماعية» لأن قتلة الزعيم الراحل انور السادات اختبأوا في مناطق عشوائية.
واغتال اسلاميون معارضون للسلام مع اسرائيل السادات خلال عرض عسكري بمناسبة يوم السادس من اكتوبر تشرين الاول 1981 .
وقال الولي ان الدولة سعت لشق شوارع وتكثيف الوجود الامني لكن دون عملية تنمية حقيقية متعددة الجوانب. واضاف انه «حين قالت الجماعة الاسلامية انها تخلت عن العنف تراجع الاهتمام بالعشوائيات.»
كانت الجماعة الإسلامية قد شنت أعمال عنف مسلحة في تسعينيات القرن الماضي قمعته قوات الأمن وألقي أعضاؤها في السجون حيث قررت بعض قياداتها نبذ العنف.
ولا يوجد رقم معروف للمناطق العشوائية حيث تختلف تقديرات الجهات التي تتعامل مع الملف.ومصر اكثر الدول العربية سكانا ويقترب عدد سكانها من 80 مليون نسمة.
وحذرت استاذ الاجتماع سعاد عبد الرحيم من أن اخطر مشاكل العشوائيات يتمثل في انعدام الخصوصية للاسرة وللعلاقات بين الناس.
وقالت «كيان الاسرة مفقود» بسبب التزاحم على منافذ الخدمات القليلة وضيق الوحدات السكنية والشوارع.وحذرت من ان النتيجة تكون «عشوائيات في كل شيء.. واطفال شوارع.. فلا وقت للاسرة كي تربي.»
وقالت ان هذا الاتجاه يسهم في تدهور القيم والعلاقات بين الافراد واوضاع المجتمع ككل.
ورغم ذلك لا تبدو احتجاجات اهالي جزيرة محمد نموذجا يسهل تكراره في المناطق العشوائية بالمدن المصرية الكبرى.
وقالت عبد الرحيم «ثقافة العشوائيات تخلو من التمرد فهم يعيشون حياتهم قانعين راضين.»
وأضافت ان سكان العشوائيات لا يتمردون الا اذا هددت السلطات مصادر رزقهم او تعرضوا «لاستفزاز استهلاكي» من سكان الحضر وهو وضع يمكن ان يتنامى مع التقارب المكاني المتزايد بين الجانبين.
واكد رئيس الوزراء المصري احمد نظيف على ضرورة تطوير العشوائيات من خلال خطة متكاملة تشمل جميع الجوانب بما فيها الصحية والتعليمية والخدمية. وانشأت الحكومة المصرية في 2008 صندوق تطوير العشوائيات وقالت انها رصدت له ميزانية 500 مليون جنيه وقالت في وقت لاحق انها رفعتها الى 800 مليون جنيه.
لكن الولي قال ان ميزانية الصندوق للعام المالي 2009-2010 بلغت 28 مليون جنيه فقط.
ا ف ب
المفضلات