ضمن خضم هذا العصف الهائل من المسلسلات التي تبثها الفضائيات العربية المفتوحة، أخذت المسلسلات التركية المدبلجة نصيباً لا بأس به من المتابعة، حتى أن بعضها قد أحدث ضجة صاخبة لدى الشارع العربي وصولاً الى الأوساط الاجتماعية والتربوية، وقد تباينت الآراء بين منبهر ومتابع، وبين ناقدٍ ورافض... نظراً لما تحمله هذه المسلسلات ضمن طياتها من قيم غريبة وأساليب للحياة الأسرية غير المعهودة لدى مجتمعاتنا.
مما لا شك فيه بأن هذه المسلسلات تتميز بإخراج جيد ومناظر طبيعية خلابة، إضافة الى وجود جرعة كبير من الحب والرومانسية المبالغ فيهما، التي يجري عادة تصويرها في إنشاءات فارهة وجميلة وبأزياء وموسيقى جذابة، تستعرض علاقات إجتماعية وأحداث مثيرة تمتد بين الوفاء والخيانة والأمانة والغدر وغيرها الكثير من المتناقضات السلوكية التي تشد إنتباه المشاهد ليحب شخصية ويكره الأُخرى، مما يدفعه لمتابعة حلقات المسلسل وإنتظار النتائج للتحقق من صحة توقعاته لما سيحدث في الحلقات القادمة... كل هذه العوامل ساعدت على شهرة هذا النوع من المسلسلات؛ إضافة الى ما يتمتع به أبطال وبطلات تلك المسلسلات من مواصفات عالية في الجمال والوسامة والرومانسية، حيث جعلت منهم نماذج للمحبين، ليلعبوا بذلك على وتر إشباع ما هو مفقود في العلاقات العاطفية لدى الكثير من المشاهدين.
هذا التأثير الواضح لتلك المسلسلات قد أرخى ظلاله وبوضوح على الشارع العربي برمته، فقد أصبحنا نرى أسماء وصور شخصيات هذه المسلسلات وملصقاتهم في كثير من الأماكن، حتى في أجهزة الهاتف المحمول... ومطبوعة على ملابس الأطفال والشباب، ونجد أن العديد من المتابعين لهذه المسلسلات من كافة الفئات والأعمار يعرفون عن هذه الشخصيات الوهمية أكثر مما يعرفونه عن الشخصيات الوطنية الحقيقية التي كان لها دور مهم وفعال في تاريخ بلادهم... بل أنك تجد الأطفال الصغار يحفظون الأحداث المفبركة بجدارة الحاصلة لتلك الشخصيات الوهمية أكثر مما يحفظون دروسهم اليومية.
ويتجلى الخطر بوضوح بوصل تأثير هذه المسلسلات المدبلجة لأطفالنا الأعزاء، حتى أصبحت لدى بعضهم الشغل الشاغل... ومن هذا المنطلق فلابد لنا من قرع ناقوس الخطر وبصوت عالي وضرورة التنبيه أن هذه المشكلة تعود في الدرجة الأولى على الأهل بحيث يجب عليهم التركيز على إنتقاء الأفضل لمشاهدة أبنائهم بما يتناسب مع أعمارهم وتقاليدنا الموروثة، متداركين بذلك ما قد ينتج عن هذه المسلسلات مستقبلاً من مساوئ قد يجنوها من سلوكيات مستهجنة وغريبة عن عاداتنا وطبائعنا!!.
د. ديانا النمري
المفضلات