زيت وزعتر وتوجيهي !!!!
عندما تسمع أن دوي ناقوس الخطر قد أطلق .... وأن أناساً يركضون في الأرجاء هنا وهناك..... وكلاً يفر إلى غرفته ويغلق على نفسه الباب ..... والأصوات التي كانت تعلو في الأرجاء قد اندثرت .... والتلفاز قد الغي من الوجود.....وأن حظر التجول قد أعلن في الدار والجوار....والزيارات الداخلية والخارجية قد ألغيت ..... حتى رنة الهاتف قد أُخرست.... فلا تفزع !!! فإن الحرب لم تقم بعد ....ولم تعلن إسرائيل هجومها على الكون.... هي فقط إعلان مرحله التأهب للتوجيهي في البيت الأردني ...!!!
التوجيهي هل نقولها هكذا أم نقول " إرهاب التوجيهي " أعتقد أن الثانية أبلغ ... هذه المرحلة التي تنشر الرعب في المنزل ....ولكن تزيد من روحانياته أيضا ..... فكُلاً يلجأ إلى الله بالدعاء والابتهال وطلب النجاح ..... وكثيرا ما يتمحور جل حديث الآباء عن هذه المرحلة لكي يتبادلوا الخبرات والطرق المثلى للتعامل معها..... وكيف أن بعضهم محبط من أداء أبنائه .....وكيف أنه قد صرف عليه المبالغ الطائلة كي ينجح..... ولكن النهاية لم تكن كما يرجوا .... فيا لها من نهائيه سعيدة تخبر بها أب ينتظر نجاح ابنه في هذه المرحلة المفصلية..... وكيف أن الوالد المفزوع على فلذة كبده ينتهي به المطاف بالانطلاق سريعا الي بيته لطمئن عليه و يخبره بعض الكلمات الرقيقة مع لمسه من الحنان ..!!!
فيدخل عليه الغرفة " كبسه " أي على حين غفلة ليرى هل يدرس أم ماذا...؟؟؟ ثم يضربه على رأسه بحنان .... ويقول " أدرس أدرس يابا مش تفضحني وترسب.... يا أم محمود جيبي للولد سندويشة زعتر خلي مخه يتفتح!!!!! " ففي الغالب في فترات امتحانات التوجيهي يزداد الطلب على الزعتر حتى أن بعضهم يحضره " توصايه من جنين ".... والهدف الرئيسي منه أن يدعم رأس الطالب بالذاكرة والذكاء..... فلماذا لم يُدعِموه بها قبل سنه أو سنتين لكي يكون المفعول مضاعف....وتكون النتيجة خلق اينشتاين أخر للجيل الحديث....!!!
وهل يعقل أن يُؤكل الزعتر من الفم ليشق طريقه مباشرة إلى المخ !!!! أم هي قوانين التوجيهي فقط .... فالتوجيهي لدينا له دستوره الخاص وأحد بنوده الأولية : "زيت طازه من المعصرة و زعتر أخضر طبيعي مش مغشوش!!!" أما مهمة الأم في هذه المرحلة هي الأكثر قدسيه فهي من تصنع سندويشات الذكاء !!! مع كأس الشاي بالنعناع .... وغالبا ما يتم صنعها بكثافة فعددها قد يصل إلى الإحدى عشر مقسمه إلى اثنتين في كل جولة.... وإذا حاول المسكين التصريح لأمه ببلاغ رسمي أنه لا يشعر بالجوع بقوله " ياما من شااااااااان الله مش جوعان" ترد عليه بلطف " يلا يمه سنه وبتعدي ....كول كول خلي الله يفتحها عليك !!!!
" فما علاقة هذه بتلك .... الله أعلم!!! وأما إن حاول التنفيس عن ضغطه بالخروج من غوانتنامو الغرفة.... وعتمه الانفرادي ....تنطلق الجواسيس المراقبة .... والأعين الساهرة على مصلحته بسرعة البرق لا بل أسرع إلى الوالد المتفهم .... لتجد شيئاً قد حلق في سماء المنزل ليشق طريقة إلى منتصف وجهه .... لا يدرك ماهيته إلا عندما يرى قياس قدم والده قد طبع على جبينه!!! ااااااه كم هي الآمال المعلقة على "الزيت والزعتر" كبيرة وكأنها هي من سيقدم الامتحان المنشود الذي عنده " يكرم المرء أو يهان " !!! وكم تغيرت المفاهيم في بلادنا فأصبح المفهوم السائد هو النجاح فقط ... فهذه أمنيه الأهالي لأبنائهم .....!!!
فأين ذهبت الآمال والطموحات....وأين الهمم لتحقيق الأهداف وتكسير المستحيلات.... وأين السعي لتحصيل أعلى المعدلات.... والدخول إلى التخصصات التي يُحلم بها ويطمح إليها...؟؟؟؟ أم أنها مبادئ قد تعطلت واندثرت في زمن الموازي والخاص و شهادات الطب من أوكرانيا ...!!!! وكم نرجو أن تريحوا أبنائكم من رعب هذه المرحلة......وتعليقكم الآمال على " الزيت والزعتر" لكن....غذوا عقولهم بالعلم والمعرفة .....واشحنوا نفسياتهم بالهمم والآمال.... وعلموهم معنى الحلم وكيفيه تحويله الى واقع في الصغر .....كي يرفعوا رؤؤسكم بأفضل النتائج في الكِبر بإذن الله.
سنا حداد
المفضلات