نلاحظ ان الاشياء التي يقولها الطلبة او يمارسونها انها غير مترابطة ومتناقضةٍ أحياناً ، قد نجد مجموعة من الطلبة قد أتخذت من ممارسة الغش في الامتحانات عنواناً لمسيرتهم ومنهاج لتحصيلهم العلمي وهم لا يرون ان هذا الامر محرماً شرعاً ، وان الغش يعد نوعاً من السرقة والخداع والكذب ..... ولكنهم في الوقت عينه لا يرضون لأنفسهم أبداً ان يسرقوا من زملائهم ادواتهم الشخصية لإيمانهم ان السرقة محرمة شرعاً .
أحبتي .....
ان محو أمية الشباب من ناحية الارتباك الاخلاقي والمعنوي هو ما يجب التركيز عليه لمعالجته لدى طلبة الجامعات في هذه الايام ، حيث انهم لا يعرفون عن التعاليم الدينية كثيراً أو عما تعنيه التقاليد والموروثات الاخلاقية ، لذلك يشعر كثير منهم أحياناً بالارتباك والحيرة ويعانون من سؤ الفهم تجاه الاخلاق والقيم والمُثل العليا ، وهذا الارتباك يزداد معهم عند أنهائهم المرحلة الثانوية ودخولهم المرحلة الجامعية .
كذلك ...سريعاً ما ينسون المعلومات الثقافية العامة التي تعلموها في المدارس الثانوية ، حتى وان كانت هذه المعلومات العامة متداولةٍ بين الناس ، ولو أخذنا مجموعة من الاسئلة العامة وتوجهنا بها دون تحضير مسبق الى الناس في الشارع وخاصة الى فئة الشباب منهم فإننا نسمع بعض الاجابات الصادرة رداً على اسئلتنا مفاجئةٌ ومذهلة ، والتي تدل قطعاً عن السذاجة والجهل الغير مبرر .
وتعتبر هذه حقيقة دليلاً على أنهم مرتبكون فعلاً من الناحية الاخلاقية والثقافية العامه ، ولدى الخوض في نقاشاتٍ معهم ( فئة الشباب ) تخرج بنتيجةٍ أيضاً مفادها أنهم محبطون من جهة ومن جهةٍ أخرى متفاءلون ..... فعلى الرغم من هذا التناقض فما زال هناك لدى الشباب كثيراً من طيبة القلب والبساطة والروح الطيبة وحب الاخر وتمني الخير له . فهم يكوّنون صداقاتٍ بعيدة عن الانانية وقائمة على الاحترام و أحترام الرأي الاخر وكذلك مراعاة حقوق زملائهم ومشاعرهم وهم أقل غروراً بأنفسهم وقبولهم القيام بالاعمال الخيرية والتطوعية ، وهذا كله يتم بغض النظر عن عدم تعمقهم في المعارف الدينية والاخلاقية ، فهم يمارسون روح الدين والاخلاق السامية التي تحث على الخير وتنهي الشر وإيذاء الاخرين .
أذاً هم يعيشون فيما يشبه الغموض والضبابية من الناحية الدينية والاخلاقية وعندما تسأل أحدهم اذا كان ينوي القيام بفعِل شيء ما .... أهذا الفعِل صحيح أم خطاء ...؟
تكتشف الارباك و التفاوت في الاجابات بل أحياناً التعلثم والعصبية وعدم الرضا عن قيامه بهذا الفعِل بغض النظر عن كونه صحيحاً أو خطاءاً .
ومن ناحية أخرى ومن زاوية الشكل والمظهر يبدوا ان العديد من الشباب غير متأثرين التأثير الحقيقي بموروثات الاف السنين من التربية الدينية والاخلاقية وبالتقاليد والعادات الاجتماعية ، بل تجد العديد منهم يفقد الثقة في كل ما هو قديم وتجدهم يشككون في بعض القصص والروايات الدينية والتأريخية والاجتماعية القديمة القائمة على التضحية والأيثار والكرم والحب العذري والقيم الموروثة والنتائج الاخلاقية القائمة على الحظ والصدفة ويعزونها الى نوعٍ من التخلف العقلي والرجعي أو حتى الجنون .
ان المشكلة لا تكمن في ان جيل الشباب جاهلٌ او متشكك أو قاسي في حكمه على الماضي او جاهل لقيم مجتمعه .... بل أنهم يتحدثون بهذا الاسلوب الجريء لانهم يعانون من الارباك المعرفي والاخلاقي .
أذاً فماذا نحن فاعلون لتحسين فهم هؤلاء للتأريخ وقيمه الموروثة وأستعادة تقتهم بها وبأنفسهم وأعادة تهيئتهم أخلاقياً ومحو الامية الاخلاقية لأولائك المنادين بالتحرر من جميع قيود الماضي وأغلاقه وترسيخ قيمة تلك الموروثات المكتسبة من الماضي ... ؟
من هنا ننطلق الى توفير ما يلي لتحقيق هذه الغاية والاهداف لمعالجة ذلك :
اولا: خيارات مقنعة في زمن سريع التغير، خيارات في مجال التعليم الذي يوفر امكانيات للعمل تنسجم وحاجات المجتمع، تجعل من الشباب قطاعا مشاركا في عملية التنمية والبناء، خيارات تراعي الحاجة للانثى والذكر دون تحيز.
ثانيا: الشباب بحاجة إلى برامج تنموية مناسبة تستهدف استئصال التخلف والامية والفقر بمعناه الشمولي ضمن استراتيجية وطنية شمولية.
ثالثا: الشباب بحاجة إلى مؤسسات تعبيرية ذات دلالة شبابية دينامية لا تعاني الخوف والتقوقع او تعمل لمصلحة جهه معينة، او تحظى برعاية الاجنبي.
رابعا: الشباب بحاجة إلى ثقافة مدنية توفر لهم الحصانة وتمكنهم من تحدي الثقافات الدخيلة " ثقافة العولمة" والاستقواء على الفقر المعولم.
خامسا: الشباب بحاجة إلى مكانة يشاركون من خلالها في صناعة القرار والمشاركة فيه ولا سيما في المؤسسات التعليمية المختلفة.
سادسا: الشباب بحاجة إلى هوية وطنية مستقرة تعزز قيم المواطنة الصالحة والديمقراطية , لانه « لا ثقافة بدون هوية حضارية؛ بدون نتاج فكري نقدي؛ ولا فكر بدون مؤسسات علمية راسخة؛ ولا علم بدون حرية معرفية؛ ولا معرفة ولا تواصل ولا تأثير بدون لغة قومية تستوعب العصر بكل تداعياته».
سابعا: التعليم خيار اساسي ضمن مجموعة الخيارات التي تقاس من خلالها مستويات التنمية البشرية المستدامة، وهنا يتم تناول التعليم ضمن مستويين الاول بناء القدرات، والمستوى الثاني توظيف هذه القدرات التي تم بناؤها.
وايضاً يمكننا القيام بما يلي لترسيخ الموروثات والقيم الماضية لدى فئة الشباب : -
- ان الاسرة وفي المقام الاول هي القاعدة الاساسية لبيان اهمية القيم التربوية وهي القادرة على زرع ثقافة الاخلاق والقيم الدينية لينتقل بها الشاب الى الاسر الجامعية والمعاهد والمراكز الثقافية والمنتديات حاملاً بين يديه أخلاقه الحميدة وثقافته العامة والتي اكتسبها من خلال أسرته الواحدة في البيت .
- العمل على زرع الثقة القائمة على التعاليم الدينية من صدق وامانة والاحترام المتبادل
- زرع تقبل موروثات الماضي والابتعاد عن فكرة التخلي عن القيم المستهدفة من أعداء الانسانية والمتطرفين
- تشجيع المدارس والجامعات والمعاهد والملتقيات الاخرى التي تنادي بالتمسك بالقيم التربوية العريقة وبيان دورها في هذا المجال
وبالنهاية ... ان ما تقدم ما هو الا مساعدة لفئة الشباب عامة والطلبة خاصة لتوجه الى الاصلاح الاخلاقي بمجمل ظواهره وزيادة المعرفة الثقافية العامة لديهم وتكسبهم الاستقامة والتقوى واحترام الحياة البشرية والتحكم بالنفس والامانة والجراءة والشجاعة بالتصدي للجهل والتقليد الاعمى والتضحية دون التعدي على الابرياء الاخرين المنتمين الى نفس مجتمعهم الذي يعيشون فيه .
منقول من عدة مصادر ( جزء من كل ) ومما ورد بخاطري
المفضلات