نكبة فلسطين.. جرح ما يزال ينزف منذ 62 عاما

الحقيقة الدولية – نابلس – غزة – قيس أبو سمرة – علي البطة
تحل اليوم السبت الذكرى الثانية والستين لنكبة الشعب الفلسطيني عام 1948م على أيدي العصابات الصهيونية المدعومة من الولايات المتحدة الأمريكية وباقي دول الغرب، التي ارتكبت الآف المجازر، وهدمت مئات القرى وآلاف البيوت لتقيم كيانها الزائل فوق الأرض الفلسطينية، ولتنتزع أكثر من ثلثي الشعب الفلسطيني من أرضه في اكبر حملة تطهير عرقي وتهجير قسري شهدها التاريخ الحديث، ليعيش الشعب الفلسطيني طوال العقود الماضية الآم اللجوء وفواجع الطرد والتشريد، ورغم ذلك بقي متمسكا بحقه في العودة والتحرير.
وعلى الرغم من مرور 62 عاما على نكبة فلسطين إلا أن الجرح العربي والإسلامي ما يزال ينزف دما، على الأقل بالنسبة لمن وقعت النكبة على رؤوسهم مباشرة، فالشعب الفلسطيني الذي اغتصبت أرضه ودمرت قراه ومدنه وشرد معظمه، يقدم في كل يوم الشهداء، ويقاسي الأمرين تحت احتلال صهيوني لا يعرف معنى للإنسانية.
ان احياء النكبة الفلسطينية بما تبقى من الأرض والعزيمة والقدرة العربية والإسلامية، أشبه ما يكون بخنجر يغرز في قلب المشروع الصهيوني الاحتلالي، الذي حاول طوال السنوات الماضية من عمر النكبة الفلسطينية طمس الحقائق على الأرض والتهرب من جريمته، إلى درجة أن كيان العدو منع الفلسطينيين في الأراضي المحتلة من إحياء ذكرى النكبة.
النكبة الفلسطينية تأتي اليوم على وقع نكبة أخرى، حيث يقوم العدو الصهيوني بتنفيذ قراره العسكري الذي دخل حيز التنفيذ مؤخرا بطرد الفلسطينيين في الضفة الغربية باتهامهم بـ "التسلل"، وبطريقة "ناعمة" من دون أي ضوضاء، فلا يكاد يمر يوم من دون أن نسمع أن العدو أبعد فلسطينيا إلى قطاع غزة أو إلى خارج فلسطين المحتلة.
في حين لا تزال القيادات الفلسطينية السياسية مصرة على العودة من جديد لمفاوضات التسوية التي باتت أشبه ما يكون بطريق مظلم يؤدي إلى المزيد من التنازل عن الثوابت الفلسطينية.
فقد وافقت السلطة الوطنية الفلسطينية وهي على مقربة أيام من ذكرى النكبة بالعودة مرة أخرى للمفاوضات غير المباشرة مع العدو الصهيوني من خلال الوسيط الأمريكي الذي كان ولا يزال غير نزيه مطلقا إزاء الثوابت والحقوق الفلسطينية.
وكان المجلس التشريعي الفلسطيني صادق بالتزامن مع ذكرى النكبة على تقرير لجنة اللاجئين في الذكرى الثانية والستين لنكبة فلسطين.
وتضمن التقرير التشريعي رفض التوطين في أي بقعة من بقاع الأرض في كل الظروف والأحوال، والدعوة لمقاومة الترحيل والإبعاد داخل الوطن وخارجه بكل الوسائل.
وشدد التقرير الذي تلاه رئيس لجنة شؤون اللاجئين في المجلس التشريعي عبد الفتاح دخان خلال الجلسة على أن "حق العودة إلى أرضنا وديارنا التي هجرنا منها حق فردي وجماعي لا يمكن التفريط به أو التنازل عنه أو المساومة عليه مهما طال الزمن".
ودعا إلى ضرورة التمسك بالثوابت الوطنية والالتزام بالإجماع الوطني وتعرية كل من يحاول التفلت مما يُجمع عليه الناس بفطرتهم السليمة، مؤكداً أن المسجد الأقصى والقدس والمقدسات أمانة في أعناق الجميع عرباً ومسلمين وعلى الكل أن يقوم بواجبه قبل أن يهدم الأقصى وتهود القدس وتنتهك المقدسات.
وأشار إلى أنه " لا تقام الدولة في ظل الاحتلال، ولكن يطرد الاحتلال وبعد ذلك تقام الدولة فلا تعكسوا الأمور أكثر مما هي معكوسة وتبدأوا بالتراجع للخلف".
وبين التقرير أهمية التواصل مع الفلسطينيين في الشتات ما أمكن وتبادل الأفكار لتوحيد الموقف في مختلف القضايا التي تهم الشعب وتخدم قضيته.
وجدد التأكيد على أن مقاومة الاحتلال حق كفلته القوانين الوضعية والشرائع السماوية, وقضية فلسطين هي القضية الوحيدة في العالم التي قامت منذ ثلاثين قرناً وما زالت تقوم على أسس دينية روحية.
وأكد دخان في مداخلته على أن دعوى اليهود في حقهم التاريخي في فلسطين ليس لها أساس من الواقع، وقال: " هي دعوى باطلة وفاسدة ليس لها مثيل في التاريخ".
وأوضح أن الدول العربية تتحمل عدة مسؤوليات تجاه فلسطين أدبياً وأخلاقياً وسياسياً ودينياً، مضيفا أن "الأدهى من ذلك أن تشارك دول عربية بشكل أو بآخر في حصار قطاع غزة، وهم يتذرعون بان القابع في رام الله هو صاحب الكلمة في فك الحصار".
ميدانياً ، أكَّد اللاجئون في قطاع غزة أن أي حل لا يتم فيه حل قضية اللاجئين لن يكتب له النجاح ولن يكون قابلاً للاستمرار"، مشددين على أنهم لن يقبلوا بأن يبنوا مستقبلهم إلا في بلاد أجدادهم، ولن يندمجوا في مجتمعات أخرى ولن يفقدوا هويتهم أو يكتسبوا هوية غيرهم.
جاء ذلك خلال مسيرة الأجيال الحاشدة التي نظمتها اللجنة الوطنية العليا لإحياء الذكرى الثانية والستين للنكبة، والتي انطلقت من مجمع أنصار بمدينة غزة وانتهت عند مقر الأمم المتحدة، حيث سلمت اللجنة رسالة لمندوب الأمين العام للأمم المتحدة "بان كي مون".
وارتدى الأطفال اللاجئين الثوب الفلسطيني، حاملين لافتات تحمل أسماء القرى التي هُجروا منها عام النكبة ومفاتيح العودة، مرددين هتافات تؤكد بأن العودة حق ينتقل من جيل إلى جيل، وأنهم لن يتنازلوا عنه رغم القتل والتعذيب والمحاولات الإسرائيلية لإسقاطه.
وقال ممثل اللجنة الوطنية العليا لإحياء ذكرى النكبة القيادي في حركة حماس محمد شمعة: "إن ذكرى النكبة تطل وهي تحمل في طياتها المزيد من العذابات والجروح، بعد أن صعَد الاحتلال هجمته ضد الأرض والإنسان، ظناً منه أنه يستطيع أن ينال من إرادة الشعب الفلسطيني أو يفت من تشبثه بأرضه وحقوقه".
وأضاف " إن ذكرى النكبة تتزامن مع مؤامرات تحاك ضد الشعب الفلسطيني وحق العودة ومع القرارات الصهيونية بمنع إحياءها في الأراضي المحتلة عام 1948 وتفريغ الضفة الغربية من أهلها، والاستيطان وتهويد المقدسات".
وعدَ أن الأمم المتحدة ساهمت على مدى التاريخ في إضفاء شرعية على الجريمة التي ارتكبتها العصابات اليهودية بحق الشعب الفلسطيني عام 48، موضحاً أن مواقفها تسهم بشكل كبير في خلط الأوراق وتسدل الستار عن هذه الجرائم.
وطالب شمعة الأمين العام للأمم المتحدة بأن يكون نزيهاً وحيادياً وساعياً لتطبيق ميثاق الأمم المتحدة الذي أنشئ بغرض إنقاذ الأجيال المقبلة من ويلات الحروب.
ولفت إلى أن أكثر من 60% من أبناء الشعب الفلسطيني لاجئين، مشدداً على أن أي حل للقضية الفلسطينية دون حل لقصية اللاجئين لن يكتب له النجاح ولن يكون قابلاً للاستمرار.
وتابع "الاحتلال ضاعف من استيطانه بعد اتفاقية أوسلوا 12 مرة، على مرأى ومسمع ومباركة من العالم"، مشدداً على أن حق العودة أقرته كافة المواثيق والقوانين الدولية، وأنه حق طبيعي كالحق في الحياة، ينتقل من جيل إلى جيل.
المصدر : الحقيقة الدولية – نابلس – غزة – قيس أبو سمرة – علي البطة 15.5.2010
المفضلات