الشيخ علي باشا الكايد العتوم
قصر الكايد يستضيف المصالحة في ثورة الكورة
الكايد يشارك في المؤتمر الوطني بديوان آل التل
اصبح اول وزير للمواصلات في تاريخ الاردن
بقلم: محمود سعد عبيدات
ان استعراض سيرة معالي الشيخ علي الكايد هو استجلاء صحفات اخرى من تاريخ رجال أفذاذ، احتضنوا الاردن فاحتضنهم شعبه وتاريخه، وأصبحوا قدوة ومنارات عز وكبرياء.. والحديث عن الشيخ (علي) وجيله من الرعيل الأول له بعده الزمني بدلالات هذا الوطن العميقة، لانها تعود بنا الى البدايات بما حملته من عناء وتضحيات، وفتحت لنا أبواب التحدي في مرحلة من أدق مراحل التاريخ الوطني والسياسي لأردننا الحبيب.. الا وهي مرحلة التأسيس، وهي مرحلة من أصعب المراحل، ولولا هؤلاء النخبة من رجال الرعيل الأول لما كتب لهذه الأرض ان تكون حرة مستقلة. تجددت مهمتها كبوابة لكل العرب، وقاعدة لانطلاق ثوار التحرير والاستقلال وهم أيضا قيادات سياسية ووطنية واجتاعية يمثلون الذاكرة الوطنية بما ساهم به كل منهم في عملية البناء والتأسيس والنضال، حتى ليغدو هذا الاحياء في كتابتهم للتاريخ من أزهى صور الانتماء للوطن، ومن أشرف مهمات كتابة التاريخ الأردني ورجاله الأوائل، لأنهم يمثلون نهضة الوطن المبكرة في كافة المجالات لما امتازوا به من وعي وطني في بعده القومي والانساني، ومن منطلق الاحساس بالمسؤولية، وانطلاقا من قيم ومبادىء جعلتهم يتجاوزون بسيرهم وتجاربهم حدود التجارب الشخصية، لتصبح تاريخ مرحلة لها معطياتها وخصائصها وأبعادها في حياة الوطن والأمة - وقد أشار دولة السيد زيد الرفاعي الى المهمة الوطنية في كتابة الرعيل الأول والتعريف بسيرهم وتاريخهم، الوطني المشرق بقوله: «ان تاريخ اي أمة من الأمم هو مستودع ذكرياتها، ومخزونها الوطني والقومي والتراثي، تعود إليه شحذا للهمم، ووصلا للحاضر بالماضي، من أجل بناء مستقبل أفضل، إغناء للمسيرة، ورفداً لها.. ولقد كتب عن الأردن الغالي ورجالاته، بعض الدراسات التي كانت في معظمها، لسبب أو لآخر غير موضوعية.. ومن هنا، تغدو الحاجة ماسة وملحة الى ان ننهض جميعاً، كل حسب مجاله، وبما لديه من طاقات، لاعادة قراءة تاريخنا الاردني وكتابته، وبأيد اردنية مخلصة وأمينة.. فليس هناك من أحق من الأمة بالحفاظ على تاريخها.. وتاريخنا الأردني مفخرة كل الأجيال.. وانه لمما يبعث السرور في النفس،، أننا بدأنا نرى جهودا خيرة مباركة بذلت، وما تزال من أجل اعادة قراءة تاريخ الأردن، من خلال إحياء سير أولئك الرجال الذين اسهموا في حمل أمانة المسؤولية.. هؤلاء الرجال الذين لهم دور بارز، وفاعل ومؤثر، في تاريخ الأردن، من خلال مشاركتهم في صنع الأحداث التي مر بها الوطن».
وشيخنا معالي السيد علي الكايد ما منح لقب «باشا» الا لانه كان من هؤلاء الرجال، الذين ذكرهم الملك المؤسس عبدالله بن الحسين، بانهم العزوة والسند وقدوة الرجال.
دور علي الكايد في العفو عن الشيخ كليب الشريده:
اطلعت على ملف ثورة الكورة التي اعلنها الشيخ كليب الشريده عام 1921م، وعلى الكثير من المقالات والدراسات والمذكرات، فوجدت ان معظم الذين كتبوا عن هذه الثورة كانوا في دائرة التجني على الشيخ كليب وزعماء الكورة، باستثناء الامير عبدالله بن الحسين الذي قال بالحرف الواحد: «ان حادث الكورة انبعث عن غلطة ادارية لاحد الموظفين» وبناء على ذلك، تحملت عشيرة العتوم بشكل عام ومعالي الشيخ عبدالعزيز، ومعالي الشيخ علي الكايد بشكل خاص مسؤولية الاسراع في المصالحة في قصر سوف وبحضور وبرعاية سيد البلاد، الامير عبدالله، لانهم يعرفون جيدا نوايا اهل الكورة وزعيمها، وادرك الشيخ علي باشا الكايد وشقيقه عبدالعزيز، بان ثورة الشريدة لم تكن مشروع انقلاب على السلطة، ولم يطرح نفسه بديلا عن الامير عبدالله، ولم يكن في ذاكرته اقامة حكومة وسلطة في منطقته، ولكنها اعلنت ضد اخطاء متصرف لواء عجلون كما اشار الامير عبدالله، ودفاعا عن الشرف والعرض وكرامة الانسان كما قال الشيخ عبدالله كليب الشريدة.
وعن المصالحة، وكيف تمت يقول الاستاذ عبدالله العتوم «شهد قصد علي باشا الكايد في سوف، احد اهم الاحداث التاريخية في شرق الاردن متمثلا في نهاية التمرد الذي قام به كليب باشا، الشريدة على سلطة الامير!!
وتوجه كليب الشريدة الى سوف بصحبة مائة فارس من انصاره ومؤيديه يرفعون راياتهم يتقدمهم ابنه عبدالله، ووصل الركب الى مشارف سوف، حيث كان علي باشا الكايد قد اقام سرادقا ضخما لهذه الغاية يحتوي على عدد كبير من بيوت الشعر والخيام لاستضافة كليب الشريدة ومرافقيه.
في اليوم التالي قدم الامير عبدالله الى سوف وفي معيته الشخ رفيفان المجالي من حاشية سموه وعدد من شيوخ العشائر وكبار رجالات البلاد، وقبل الغداء شهدت ردهات قصر الشيخ الكايد لحظات حاسمة من التوتر، كادت ان تعرقل مراسيم الصلح، مما حدا بالامير عبدالله الى اصدار عفو عن كليب باشا الشريدة ومؤيديه، فقد دخل الشريدة الى القصر امام الامير الذي اوعز الى الشيخ رفيفان المجالي بصفته كفيل «وفا ودفا» باعلان مراسيم المصالحة مع الشريدة، الا ان المجالي وقبل ان يبدأ، سأل الامير عن شروطه للعفو عنه، فاشترط الامير غرامة على اهل الكورة بواقع ليرة ذهبية «مجيدي» على كل ذكر مهما كان عمره. وهنا نبه رفيفان المجالي الشيخ كليب الشريدة الى ضرورة التزامة بالغرامة محذرا من مغبة الاخلال بهذا الالتزام».
لم يكتف الشيخ رفيفان بإشارة التنبيه والتذكير، بل اعلن صراحة التهديد اذا لم يلتزم الشريدة بدفع الغرامات المطلوبة فقال: «اننا سننقض حجارة الكورة، اذا لم يتم الوفاء بالالتزام..».
هذا التهديد لم يكن راضيا عنه الامير عبدالله، لذلك اعلن الشيخ عبدالعزيز وشقيقه علي الكايد تضامنه مع الشيخ كليب، قال الشيخ عبدالعزيز بحزم: «ان من يذهب الى الكورة سيمر حتما في سوف، وان كل حجر سينقض من حجارة الكورة سيزرع مكانه رجل….». يقول الاستاذ عبدالله العتوم : «وكان كلام الشيخ عبدالعزيز اشارة واضحة لاعلان التحالف مع الكورة».
وفي ظل الجو المتأزم، تدخلت اريحية الامير عبدالله وقال باللغة التركية: «حبس .. حيص» طالبا من الحضور التوقف عن المناكفة، وقال: «يا كليب.. اعفيناك من الغرامة»، وطلب من الشيخ علي باشا الكايد الايعاز بتقديم الغداء، وحضر مراسيم الصلح ومأدبة الغداء رمضان شلاش رئيس الديوان الاميري، وهو من مدينة «دير الزور» السورية، ووجهاء وشيوخ المعراض، ومعظم شيوخ الشمال الاردني ..»
يتبع 000
المفضلات