مقالات
التفاؤل .. والمنظار الوردي
التفاؤل هو المنظار الوردي، والإحساس الرائع الذي يخلّص المرء من الأفكار السوداء، ويوجهه نحو العمل الإيجابي المثمر.
فالإنسان المتفائل الجادّ يزن كل شيء بدقة، ويلاحظ الضرر كما يلاحظ النفع، ويبصر السيئة كما يبصر الحسنة وسواء في تفسير الحوادث ام في الحكم على الأشخاص، ويستخلص دائما افضل الفائدة وأجملها وأحسنها من المواقف التي تضعه الظروف وسطها، حتى اذا رسم خطّ سلوكه ثبت فيه دون تردد او تخاذل وسار عليه والابتسامة ترتسم على شفتيه ومحيّاه وتظلل ملامحه وهو يعلم ان الحياة ليست مروجا خضراء وحدائق غنّاء ورودها الجميلة بدون اشواك، وأن الحلو يكون دائما الى جانب المر، والقبيح الى جانب الجميل المليح، والسيء الى جانب الجيّد وأن ابناءها عرضة لكثير من الأحداث والنكبات والمفاجآت.
والمتفائل الواعي لا يخرج عن كونه انسانا بين الناس، اي انه يمرّ في هذه الحياة كغيره من البشر بالصدمات القاسية القاسية والأزمات الشديدة من ضيق اقتصادي، الى عرقلة في العمل، الى سوء معاملة من الآخرين ومنافسات تسد عليه باب رزقه.وتلقي به بين براثن الفقر والعوز والفاقه، وأحيانا تضع سيرته ظلما وبهتانا في افواه من لا يتقون الله ولا يخشونه لتبقى مضغة تلوكها السنتهم المرّة دون اهتمام بما تؤول اليه احوال الأبرياء الأنقياء.
ومن ذا الذي عاش ايامه في دعة وأمن وراحة بال، ومن خرج من دنياه ولم تعكر الآلام والأحزان والمصائب صفو حياته.
فوجود التفاؤل وحمل المنظار الوردي في الأوقات العصيبة، والأزمات الحادة الخطيرة له اثر فعّال في تخفيف الآثار التي تخلقها المصائب مثل وجوده في حالة اضطرام نار، او شبوب حريق او تعرقل سير في الشوارع وما يتطلب من هدوء اعصاب وحكمة في التصرف والتعامل مع الآخرين.
والمتفائلون هم الذين يروضون الهمم، ويعززون النفوس ويدفعون بأصحابها الى تلمس الحكمة في اتقاء الأخطار الجسيمة، ويبعثون فيهم العزيمة والنشاط والعمل المثمر الصحيح.
ويجب على كل منا ان يحمل التفاؤل منظارا ورديا، ونجعل منه مصباحا مشعا نيّرا نستضيء به وننير دروبنا ودروب أحباءنا اثناء مسيرتنا في طرقات الحياة الوعرة المليئة بالنتوءات والمطبات والمفاجآت المختلفة، والله وليّ التوفيق.
صباح المدني
المفضلات