الجزء 15
وفاء : لم أصدق ما قرأته في وصيتك لم أصدق هذا يا حبيبي صدقني .
و فجأة .
فجر : من أنتي ؟
مسحت وفاء دموعها فورا و من على الصورة ثم التفتت إلى فجر . لقد رأتها . رأتها بعد حرمان دام 7 سنوات
، كانت طفلة جميلة تشبه أمها تمام الشبه ، كانت طفلة مرحة و هادئة و مطيعة . اقتربت وفاء من ابنتها و انحنت إليها و طبعت قبلة على رأسها .
وفاء : أنا وفاء و سأكون بمثابة أ......
و قبل أن تكمل .
خليل : هذه المرأة ستكون بمثابة عمتك .
غمرت الفرحة قلب فجر .
فجر : حقا يا عمي ؟ هل ستكون مثل عمتي شذى؟
خليل : أجل . و لكنها لن تنام معك في الليل بل ستذهب إلى بيتها بعد أن تنامين و ستأتي مرة أخرى في الصباح . و ستنام عندك يومي الإجازة .
فجر : هل ستكونين طيبة مثل عمتي شذى ؟
وفاء : طبعا حبيبتي .
خليل : هيا غيري لها ملابسها و أنزليها لتناول الغداء .
قال هذا و خرج .
وفاء : هل تحبين عمتك كثيرا يا حبيبتي ؟
فجر : أجل فلقد كانت تحبني كثيرا و لا تسمح لعمي و خالتي بضربي عندما أخطأ .
تألمت وفاء كثيرا .
وفاء : هل كان عمك يضربك كثيرا ؟
فجر : سأخبرك شيئا و لكن عديني بأنك ستصدقيني أولا .
وفاء : من دون أن أعدك حبيبتي سأصدقك فأنت .
و سكتت .
فجر : أنا ماذا ؟
وفاء : أنت مثل ابنتي . و الأم يجب أن تصدق ابنتها من دون وعد .
فجر : حسنا سأخبرك . يوم أمس كنت أنا و عالية نلعب بالكرة فرمت عالية بالكرة و أصابت المزهرية فوقعت و كـسرت و لما أتى عمي أخبرته بأني أنا التي كســرتها فضربني عمي و حرمني من تناول العشاء .
امتلأت عينا وفاء بالدموع .
وفاء : و أين ضربك ؟
فجر : هنا . انظري .
و كشفت لها ذراعها فرأت وفاء آثار الضرب .
وفاء : هل يؤلمك حبيبتي ؟
فجر : أجل .
وفاء : سأحضر لك غدا مرهما مخفف للألم .
فجر : هل سيخف الألم بعدها ؟
وفاء : أجل يا حبيبتي .
فجر : أنا أحبك يا عمتي .
صعقت وفاء .
وفاء : عمتي !!
فجر : لأنك طيبة مثل عمتي سأناديك بعمتي ما رأيك ؟
همست وفاء بينها و بين نفسها .
وفاء : ليتك تناديني بـ أمي .
فجر : هل قلت شيئا عمتي ؟
وفاء : لا يا حبيبتي . هيا تعالي لننزل أخشى أن يغضب عمك .
و نزلتا إلى الأسفل حيث الجميع ، أجلست وفاء فجر على الكرسي و قبل أن تذهب مسكت فجر يدها .
فجر : أريدك أن تطعميني مثل عمتي .
نظرت وفاء إلى خليل .
خليل : لن أسمح لخادمة بالجلوس معنا .
فجر : ليست خادمة يا عمي إنها .
و قبل أن تكمل .
خليل : كم مرة قلت لك بأن لا تردي علي . ألم تفهمي ذلك بعد ؟ هيا اتركي يدها و كلي .
تركت فجر يد وفاء فذهبت .
خليل : كلي .
أخذت فجر تأكل و يدها ترتجف و الدموع في عينيها و دون قصد منها سكبت العصير على الطاولة ، فغضب خليل و قام بنهرها بقسوة فأخذت بالبكاء ، لم تتحمل وفاء ذلك فأتت إلى فجر و أخذت تهدؤها .
خليل : يا لك من طفلة مزعجة . هيا خذيها معك إلى المطبخ .
أخذت وفاء فجر معها إلى المطبخ و أخذت تهدؤها و بعد أن هدأت أخذت تطعمها بيدها و تقص عليها الحكايا . و بعد أن انتهت قامت بغسل يديها و فمها ثم أخذتها إلى غرفتها و أخذت تساعدها بحل واجباتها المدرسية ثم قامت بتدريسها لإختبار الغد . و في المساء و بعد أن نامت فجر فقبلتها وفاء ثم خرجت و ذهبت إلى بيتها . مرت الأيام و فجر تتعلق بوفاء أكثر و أكثر . و بعد مرور سنة .
زياد : أين كنت يا أمي ؟
وفاء : و أين سأكون برأيك ؟
زياد: لست بالمستشفى طبعا أليس كذلك .
صعقت وفاء .
وفاء : هل تراقبني يا زياد ؟ هل تراقب أمك ؟
زياد : لا . و لكن .
وفاء : و لكن ماذا ؟
زياد: فواز .
وفاء : ما به ؟
زياد : إنه بالمستشفى .
صعقت وفاء .
وفاء : لماذا ؟ ما الذي حدث له ؟ و كيف هو الآن ؟
زياد : بخير لا تقلقي . لقد أصيب بطعنة من أحدهم عندما كانا يتعاركان .
وفاء : طعنة و تقول إنه بخير !!
زياد : أقسم لك بأنه بخير .
وفاء : هيا تعال معي سنذهب إليه .
زياد : انتهى وقت الزيارة الآن بالإضافة أنه في العناية المركزة و لن يسمحوا لنا برؤيته .
خرجت وفاء من المنزل و ركبت سيارتها و ذهبت إلى المستشفى و دخلت إلى العناية المركزة و رأت ولدها و هو تحت تأثير الأوكـسجين الذي يبقيه غائب عن الوعي حتى لا يشعر بالألم ، و الأسلاك ملتفة حول جسده و آثار العراك على وجهه ، فأخذت الدموع تنهال من عينيها و أمسك بيده و قبلتها ثم وضعتها على خدها ، كانت ترى فيه أبيه دائما به لقد كان يشبهه إلى حد كبير ، كانت كلما اشتاقت إلى بدر تنادي عليه و تضمه إلى صدرها و تقبله ، لطالما نصحته و حذرته من العراك مع الأولاد ، كان منذ صغره و هو يتعارك مع أولاد الجيران و زملائه بالمدرسة ، و لكن هذه أول مرة يتلقى طعنة من أحدهم ، كانت وفاء تخاف عليه أكثر من أخيه و كانت تحرزه دائما بآيات الرحمن و تتصدق لأجل هذه اللحظة و لكن الحذر لا يمنع القدر ، و لكن بالصدقة تُدفع البلاء ، لقد كانت حالته خطرة جدا عند وصوله إلى المستشفى و كان قلبه قد توقف عن النبض و لكن برحمة الله و بفضل دعاء أمه له و صدقاتها و جهود الأطباء نجا من الموت .
الطبيب : يكفي يا وفاء أرجوك إنه بخير الآن لا تقلقي .
وفاء : إذا حدث له شيء سأموت .
الطبيب : لا أخفيك بأنه حالته كانت خطرة جدا حتى أن قلبه توقف عن النبض لدقائق و لكن الله رحمه و لطف به .
وفاء : الحمد لله .
أخرج الطبيب وفاء من الغرفة .
الطبيب : سيكون بخير لا تقلقي و سيفيق غدا .
وفاء : شكرا لك .
الطبيب : لماذا تقاعدت ؟
وفاء : أرجوك لا تخبرهما بالأمر .
الطبيب : لماذا ؟
وفاء : لأسباب خاصة .
الطبيب : كما تريدين .
رجعت وفاء إلى البيت .
زياد : هل رأيته ؟
وفاء : أخاك هذا سيكون السبب في موتي .
زياد: لا تقولي هذا يا أمي . أطال الله لنا في عمرك .
وفاء : أرجوك يا حبيبي عقله فهو أخاك الأصغر و له حق عليك .
زياد : حاضر يا أمي . و لكني أعرف بأنه سيضرب بنصائحي عرض الحائط
وفاء : هيا اذهب إلى غرفتك و اخلد إلى النوك فغدا لديك محاضرات منذ الصباح .
المفضلات