تهديب الكوفية ..حرفة تتوارثها الصبايا
كايد المجالي - شاعت الأغاني في موروثنا الشعبي التي تتغنى بالكوفية أو ما يعرف بالشماغ المهدب ,وطرق لبسه مثل ( العنقرة ,وطق اللصمة).لكن كثيرين لا يعرفون كيف تبدع الأنامل في تهديب الشماغ .
و تحتاج مهنة تهديب الشماغ إلى مهارة خاصة و دقة متميزة ,و ذلك لان أي خطأ في إحد الخيوط سيؤثر بشكل كبير على المظهر الجمالي للشماغ .
الستيني أبو خالد العضايلة يقول « عند ظهور الشماغ المهدب كان الشخص الذي يحاول الحصول عليه كمن يحاول اللحاق «بالموضة» في عصرنا الحالي , ناهيك عن اعتزاز العربي بشماغه و لكن الشماغ المهدب كان يمنح لابسه نوعا من التميز أكثر من الشماغ العادي».
و يضيف أبو خالد أن فكرة تهديب الشماغ غير معروف أول من بدأ بها لكنه سمع أن فكرة تهديب الشماغ تعود لإحدى النساء البدويات التي كانت تعتاش من هذه المهنة و إضافة الخيوط البيضاء كنوع من «الإكسسوار» على الشماغ حتى تعتاش هي وعائلتها.
و عن طرق لبس الشماغ يقول أبو خالد « إن أكثر طريقة معروفة في مجتمعنا هي «طق اللصمة» و التي تلبس في حالات الحزن و الجنازات للتعبير عن الحزن , و في الصحراء يتم لبسها لحماية الشخص من الغبار و الأتربة و خصوصا الفم و الأنف و كان البدو يستخدمون الشماغ أيضا في شرب الماء من الابار و ذلك لتصفية الماء من الشوائب «.
و يضيف « أما «العنقرة» و هي إمالة الشماغ لليمين أو لليسار بدرجة خفيفة فكانت تستعمل عندما يريد الشخص لفت انتباه إحدى السيدات و تعبيرا منه على إعجابه بها « , مشيرا أن الشماغ يستخدم أيضا في حالات القتل و» الدخالات» حيث يقوم الدخيل بقلب شماغه و وضعه أسفل الوجه و يتم وضعه حول رقبة المدخول عليه طلبا للامان.
و يشير أبو خالد أن هناك طريقة أخرى من اجل الحصول على الأمان من شيخ العشيرة و تتمثل بعقد طرف شماغ الشيخ و لا يتم فكها حتى يحصل الدخيل على مبتغاه.
من جانبها قالت مديرة جمعية سيدات برقش الخيرية انتصار بني يونس و التي قامت بعقد دورة تدريبية لفتيات القرية لمعرفة كيفية تهديب الشماغ « أن الفكرة قمت بتبنيها منذ فترة طويلة و ذلك لوجود إحدى المسنات و تدعى (أم جميل) في منطقة كفر راكب و التي تتقن عملية التهديب و حفاظا على المهنة من الاندثار قمت بعمل دورة تدريبية لفتيات القرية لإتقان الحرفة و ليتم التوسع في المشروع بشكل اكبر «.
و تضيف بني يونس « لقد عملت مع (أم جميل) لفترة طويلة و قمنا بتصدير بعض المنتوجات إلى دول الخليج العربي مثل السعودية و الإمارات و أحببت ان اعمم الفكرة على جميع فتيات المنطقة لضمان توسع المشروع بشكل اكبر و خلق فرص عمل للفتيات العاطلات عن العمل حيث بلغ عدد الفتيات المتدربات (30) متدربة , و سنقوم بعمل دورة أخرى نظرا للإقبال الشديد من الفتيات على تعلم تلك المهنة «.
و عن الطريقة المتبعة في عملية التهديب تقول بني يونس « في البداية نقوم بإحضار خيوط التهديب البيضاء و القطن , و يتم تركيب خيوط التهديب على القطعة القطنية و التي يبلغ طولها ثمانية اذرع و تكون كثافة الهدب حسب طلب الزبون فمنهم من يريد الهدب أن يكون طويلا أو متوسطا أو خفيفا «.
و تضيف « ثم يتم تركيب اللواحات التي تتدلى من على أطراف الشماغ و التي تكون إما على شكل حبة اللوز أو بشكل دائري و التي تسمى (الطبة) و في النهاية يتم درز القطعة القطنية التي تم تشبيك خيوط الهدب عليها على الشماغ «.
و مؤخرا أصبح الشماغ نوعا من الموضة عند جيل الشباب و الشابات حيث يقومون بوضعه ك»شال» يزين أكتافهم و خصوصا في المناسبات الوطنية ليصبح «الشماغ المهدب» رمزا وطنيا لا يقتصر على الرجال المسنين بل انطلق ليكون جزءا من « الموضة الشبابية» تعبيرا منهم عن التقدير للشماغ الأردني الذي أصبح جزءا لا يتجزأ من منظومة النسيج الوطني .
المفضلات