كـتّـــــــاب
التزمين والتغيير
بداية نعرف التزمين بأنه استعمال الفعل بما يكافئ تغير الأزمان، فالحياة فيها ثوابت، وفيها متغيرات، ولكي تستمر الحياة فى اتجاهها الأيجابي اعتبر المتغير هو احد الثوابت فى الحياة.
في مثل هذه الأيام كان الناس يلتقون فى مواسم الحصاد كانوا ينشدون أغاني (المنجل)، كانت أكوام القمح والحمص والشعير والكرسنة تتجمع فوق بعضها البعض، وكان الناس يتنادون عند مجيء (الدراسات),في فزعة تعاونية كريمة، كنا ننتظر الانتهاء من درس البيدر لنأخذ (فتاحة البيدر)الصاع الأول من القمح، نشتري راحة وبسكوت وملبس,مظهر التعاون بين أبناء القرية كان موجودا، الفرح تشترك فيه كل القرية، والسهرات ليس من بينها المطربين والتلفزيون، الكل يفرح لفرح اهل الفرح، مظهر اجتماعي جميل، اذا غصنا في أعماق الماضي –كان حاسر الرأس لا تقبل شهادته- فحاسر الرأس كان له تصنيف خاص، والذى يأكل فى الشارع كانت لا تقبل شهادته، لانها ليست من أعمال المروءة، واذا تدرجنا لنصف عشائرنا وقبائلنا, نقول كان لهم كبير –كان الكبير كبيرا – لانه سلسلة متصلة من المواقف، فيها الكرم والمروءة والشهامة والحكمة، كان يكبر كلما تواضع، ويضغط على نفسه من أجل من حوله كان يتجاهل حتى يستوعب المواقف، وقد قيل (من ليس لهم كبير، فليشتروا كبيرا),كان وقتها يقول فيسمع له، ويتقدم ويتقدم من حوله، ولكنهم يقدمونه عن قناعة بأنه الأكبر ولو كان الأفقر أو الأقل مالا.
الحال تغيرت يا أبا أحمد، الأرض التي كانت تزرع هى الأعمق، والشخص الذى كان يقدم هو الأكبر والأفضل، والتعاون حل محله التدابر، وشوارعنا مطاعمنا، وسهراتنا تلفزيوناتنا, لم تعد البيادر تجمع، كل مشغول بما هو له حتى أن(الأرض المنفية والرجال المنسية),صارت من متغيرات العصر فأصبح سعرها اغلى ولو كانت غير منتجه.
من هنا نبدأ بفهم الواقع اذا اردنا التغير ومن داخل النفس نبدأ لانها المفتاح، لنلحق يا ابا احمد مجتمعنا فقد انسل الثوب من اطرافه,قبل ان يصل الى عمقه، فيصيب منه مقتلا وعندها لات حين مناص.
د. فايز الربيع
المفضلات