كـتّـــــــاب
عن الشرف
في طفولتي سمعت عن بنت تم ضربها (بالشاكوش) وماتت.. وكانوا يقولون في المجالس إن فلان (بيّض شرفه).. ولأنني طفل فالشرف مفهوم معنوي غير ملموس لم استطع استيعابه..
بالمقابل كان الحج «محمد».. حين يعقد وليمة كبيرة يهمس في اذن كل مدعو لها: «العشا ع شرفك ترى».. تهت بين القتل بداعي تبييض الشرف وبين تناول الطعام على شرف عبد الفتاح مثلاً.
الذي اوجعني ان (الحج محمد) كان يهمس في اذن كل واحد دون ان يعرف الآخر وحين احصيت عدد المدعوين تبين انهم (16) رجلاً.. ووزعت الدعوات على شرفهم جميعا.
الغريب أن القتل هو سلوك خالٍ من الشرف كيف إذاً يصبح بداعي الدفاع عن الشرف.. والاغرب ان عزومة الحج محمد بلا شرف اصلاً.. لانه كذب على جميع المدعوين ووزعها على شرفهم جميعا.
حين كبرت قليلا تغير مفهوم الشرف من الحديث عن الافراد عن القتل بداعي (تبييض الشرف) .. والولائم الخالية من الشرف.. الى الدفاع عن شرف الامة العربية.
المفهوم هنا اختلف تماما.. فالامة ليست ملفا في محكمة الجنايات يكيّف على المادة (340) وهي ليست عزومة يكذب فيها الحج محمد ويستعمل شرف الناس ليضع عليه (المناسف).
وايقنت انه يمكن الدفاع عن شرف الامة.. في ظل استيعابي – بعد ان نضجت – للمفهموم المعنوي وهو الشرف ولكن رؤيتي.. للدبابات الاميركية على جسر الجمهورية في بغداد عام (2003) اكد لي.. ان الامة حتى الامة تشبه عزومة (الحج محمد) هي الاخرى.
كلما فتحت صحيفة وجدت فيها دعوة (لميثاق شرف)... او اصدار ميثاق للشرف.. صارت كلمة خالية من الشرف بحكم انها مصطلح يوظف في الثرثرة والمجاملة.. وابشع صوره في الحياة هي القتل بداعي الشرف.
انا لست ضد أي ميثاق او أي نص .. ولكن لي مطالبة لدى دعاة مواثيق الشرف.. وهي «خلوّ الشرف ع جنب».
عبد الهادي راجي المجالي
المفضلات