كـتّـــــــاب
محبس
طلبت مني زينة امس (محبس) احمر، وتبين لي ان (المحبس) هو شيء يوضع على الشعر.. وهو يدخل ضمن أدوات التزيين للفتاة، يدخل ضمن قائمة طويلة من «الشَبَر، البكله، المربط».
دلوني على (السيفوي) وتبين لي ان هناك مجموعة منتقاة من (المحابس) معروضة على رف جميل.. وصرنا نقلب فيها ولا بد لزينة ان تقيس ما يناسبها فثمة (محابس) كبيرة وأخرى صغيرة تناسب رأسها الصغير الجميل.
وظيفة (المحبس) كما عرفت هي (لمّ الشعر) ومنع الريح من اللعب فيه، ولا أريد للريح أن تلعب في شعر زينة، يكفيها انها لعبت في قلبي (30) عاماً.
امضيت نهاري امس وانا.. اقنع زينة (بالمحبس) الاحمر فعليه وردة وهي اصرت على الاصفر.. وبين حوارنا الصاخب ومحاولتي لتغليب رأيي انهزمت واشتريت كل المحابس.
وفي لجة الحديث جاءت (بنت) في مقتبل العمر كي تجري استطلاعا عن التسوق واخذت رأيي في عدة اشياء وكانت البداية ان سألتني عن تاريخ ميلادي فقلت (23/4/1973).. وتبين لي انه عبر البارحة دون ان ادري.. يبدو ان (محبس) زينة اهم من العمر وتواريخ الميلاد واهم من الذكريات نفسها.
ويبدو انني اوغلت في النسيان تماما، مثلما اوغلت في العمر المضيع على حوادث الكلام العابر والتائه والذي لا يجدي نفعاً.
اريد ان ترتدي زينة محبسها الاصفر تحت سماء اردنية، واريد للهواء في عمان أن يتلطّف بشعرها قليلاً إذا (هبَّ) في ربيع بلادنا الندي.
اريد ان يلمّ شعرها الكركي الأسود الحرير.. ذاك المحبس، وان يترفق في خصلاته الجميلة.
يقول بدر شاكر السيّاب:
الشمس في بلادي أجمل من سواها
والظلام حتى الظلام هناك أجمل
فهو يحتضن العراق.
وأنا اظن أن المحبس على شعر زينة أجمل منه على شعر كل البنات وشعرها اسود.. وهو الليل في بلادي، أنا أصلاً لا أرى الليل الأردني إلا عبر شعر زينة.
أمضيت نهاري أمس أبحثُ عن (محبسٍ) لزينة.. وذاك هو الفرق بين رقة قلب الكاتب وقوة قلب الآخر.. فالأول يعشق المحبس والثاني يبحث عن (حبس).
عبدالهادي راجي المجالـــي
المفضلات