النسيان
النسيان نعمة,,,ولولا النسيان ما ابتسمت شفاه بعدما بللتها
دموع الأنين,,,
ولولا النسيان أيضاً ما تلاشت مآسي السنين,,
ولولاه ما ضحك يوماً قلب في جوف الحزين,,
فالإنسان يتعرض لحوادث غير متوقعة,,قد تهز كيانه,,
وتعصف بوجدانه,,وتبعثر زمانه,,ولا شك أنها سوف تقطع عليه ابتساماته,,
وتعكر صفو سكينته وتحول بينه وملذاته,,
فيظل أيام يتألم حتى يظن من الصعوبة بمكان التخلص من هذا الكآبة
التي غيمت على أجواءه,,
ولكن ما أن يمر بعض الوقت حتى تتسلل إلى أغواره قطرات من بلسم النسيان,,
حتى إذا سيطرت على خلجاته استجابت الذاكرة لذلك العلاج,,فتنجلي عنها تلك السحابة السوداء,,
حينها تعود البسمة كما لو أنها في إجازة قصيرة ليس وداعاً وإنما استعداداً للرجوع مرةً أخرى,, ولكن بشوق أكثر إلى شفاه صاحبها,,,
وذلك بفضل النسيان الذي يمحى الآثار الناتجة عن تلك الفواجع, ليتسنى للإنسان
أن يمارس نشاطه في الحياة وقد تخلص من وطأة آلام الذكرى التي ربما قدتجثم على صدره أمد طويلاً,,,,
ولولا النسيان لستمرت رياح الألم تلطم خد الأمل,,حتى تهد أركانه بحيث
لا يبقى أمل للمفجوع بأن يستأنف طبيعته المعهودة مثلما كان,,,
ولكن نعمة النسيان دائماً ما تقف حايل دون الانهيار,,,
وكما أن الإنسان يعيش أفراحه لابد أن تلفحه جمرات أتراحه,,
وكما أن للبكاء دموع وصراخ إلا انه يعقبه الشعور بالراحة والاطمئنان,,,
والنسيان عامل مؤثر في تصريف الفكر وتحويله من التأمل على أطلال منسيهإلى التوجه نحو شواطئ صالحه للاستنشاق,,,
وهكذا هي سفينة الحياة,, تبحر بنا على أمواج عاتية,,
حتى إذا هدأت العاصفة استوت على بساط الماء وانطلقت آمنه,,
فنجد أنفسنا قد تجاوزنا مرحله حرجه اعتبرناها نهاية المطاف,
ولكنها لم تكن,,,
فابتسمنا بعد حزن كاد أن يحرمنا متعة الرحلة الطويلة,,
ولولا النسيان لضلت ذكرى الأمواج العاتية هاجس مرعب يمنعنا عن ركوب
سفينة الحياة من جديد,,بل وانتظرنا عاجزين نرسل نظرات الأسى والخوف
يشيّعها بصمت مطبق وهي تخترق الظلمة غير أنها لا تعانق النور,,,
فالنسيان نعمه ,,,,
وهو كفيل أن يزيح الذكريات المؤلمة ربما حدثت في يوماً ما,,نعم يزيحها,,
إلا ذكرى الحب استعصت على معاول النسيان,,
فلم يستطع محوها من ذاكرة المحب,,,
قد يفقد الإنسان أعز أقرباءه بمصيبة الموت مثلاً,,
ويتألم كثيراً لذلك,,
ولكن مع الأيام ينساه اللهم إلا إذا صادفت مناسبة ذكّرته بنفس الذكرى,,
فيدعو له,,أو يذرف بعض الدموع على رفاته عرفاناً,,,بعدها يمضي إلى سبيله غير آبه بذكرى واراها التراب,,
وذكرى الحب تبقى عالقة غير قابله للنسيان,,
وخاصة أن كان المحبوب لا زال يتنفس في الجوار,,مع أن النسيان نعمة,,ولكن,,
المفضلات