مقالات
فتّشوا صدرهُ, فلم يجدوا غير قلبه..
(فتّشوا صدرهُ, فلم يجدوا غير قلبه.. وقد فتّشوا قلبه, فلم يجدوا غير شعبه..وقد فتشوا صوته, فلم يجدوا غير حزنه.. وقد فتّشوا حزنه, فلم يجدوا غير سجنه.. وقد فتّشوا سجنه, فلم يجدوا غيرهم في القيود)..
سحقاً وألف سحقٍ للقيود ..
اكتب أيها الزمان: الأسرى (أسرى).. لكن المعادلة مختلفة في الأرض المجاورة, هناك ثمة علاقة استثنائية بين القيود والأسرى, ثمة علاقة وطيدة بين الأسر والفكرة, ثمة تلاحم لا ينتهي, ثمة فهم ما, مفاده: (قيود + أسرى + فكرة = حرية)!..
ما هذا الكلام!.. هل هذا جنون؟!.. أيعقل ان يكون الأسر (حرية)!..
القيود: أمر جاء نتيجة الدفاع عن عقيدة ما, فلا تظنوا في يوم ان الدفاع عن الأرض المقدسة, سيقابل من قبل الاحتلال بـ(الزهور).. الزهور يا أصدقائي لها حكايات خاصة, والقيود هي نتيجة حتمية عندما تقابل عدواً لا يؤمن بعقيدتك, فكيف بوجودك بالمجمل..
الأسر: هو فرض القيود على كريات الدم الحمراء والبيضاء.. هو ضرب (غير رحيم) للقلب وقصصه.. حجب للصوت, وتشويش على موجاته , هو بالمحصلة : (تقيد لفكر وحركة الشعب)..
فكرة: ربما تتلاشى في ظروف مختلفة, لكن بالقيود والأسر اللعين, تأخذ الفكرة منحى (الترسخ) والثبات على العقيدة (عقيدة الارتباط بالأرض), ربما يتلاشى الجسد في الأسر, وربما يصبح هزيلاً, ربما تذهب السنوات دون معنى, لكن نقول كما نقول دائما: إذا لم احترق أنا وتحترق أنت, فمن ذا الذي يضيء الطرق)..
حرية: لا تصدقوا دائماً ان الذين يعيشون خارج الأسر (يعيشون الحرية), الحرية شيء يلمس بالذهن , يلمس بالعقل, شيء يشعر المرء به حتى ولو كانت القيود تحيط به, الحرية شيء ينتزعُ من الحياة انتزاعاً, والأسرى هم أكثر من في الأرض اتقاناً لمهنة (انتزاع الأشياء).. مع هذا وذاك .. لا تصدقوا ان الأسير مقيد دائما, فلربما يشعر من يمارس الاضطهاد بانه مقيد (وهو ليس بمقيد)..
في ارض الجوار يوجد أكثر من 11 ألف أسير فلسطيني في معتقلات الاحتلال الإسرائيلي, أوضاع هؤلاء لا تختلف عمن هم في خارج المعتقل, فباقي الفلسطينيين القاطنين مدن وبلدات الضفة الغربية يتحكم بهم (630) حاجزا عسكريا إسرائيلياً.. حواجز تضرب حركتهم اليومية وتتحكم بقوت يومهم وتحاصر أفكارهم , ولا نظنهم أفضل حالاً ممن يقبعون خلف قضبان الأسر, لكنهم جميعا (مستمرون بالحياة), مدافعون عن فكرة البقاء (حتى ولو تحت ظل الاحتلال)..
تبقى فكرة الحديث..
بدأت المقال بكلمات الشاعر الفلسطيني الراحل (محمود درويش) , هذه الكلمات التي توحي لنا بان الحرية لا تهبط على الشعوب. بل على الشعوب ان ترتفع إليها, وهذا ما سنلاحظه إذ ما تمعنا بمعادلة (قيود + أسرى + فكرة = حرية)!.
عناد السالم
المفضلات