إما مع السلام العادل أو ضده... ساعة الحقيقة حانت بالنسبة لاسرائيل
الجمعة أبريل 16 2010 - حديث القدس لم يعد الفلسطينيون والعرب والعالم كله يطيقون صبرا على الموقف المزودوج للحكومات الاسرائيلية المتعاقبة، وخصوصا حكومة بنيامين نتنياهو اليمينية الحالية. فمن جهة، تطلق تصريحات يستحيل فهمها ظاهرها الاستعداد لمفاوضات لا نهائية، هلامية الملامح ليس لها أجندة محددة التوقيت، ولا بنود من تلك التي تسمى بالقضايا العالقة التي يتأجل بحثها باستمرار منذ أن بدأت عملية السلام في مدريد وحتى يومنا هذا.
ومن الجهة الأخرى، تمارس السلطات الاسرائيلية في الأراضي المحتلة ما يؤكد أنه لا وجود لديها لأي توجه للانسحاب استيطانيا وعسكريا من الضفة الغربية، وقلبها النابض مدينة القدس العربية. فرئيس الوزراء الاسرائيلي يزعم أن هذه الأراضي هي أرض آبائه وأجداده، وبالتالي فالمستوطنون يقومون بما يصفه "بواجب ديني" حين يبنون المستوطنات في أي مكان بالضفة الغربية وخصوصا في القدس. ويبدو أنه لا يريد أن يرى هذا الوجود الفلسطيني المتجذر منذ آلاف السنين في وطنه، ولا يسأل نفسه هل وجدت اسرائيل الأرض خالية عندما بدأت الهجرة اليهودية إلى فلسطين، أم كان هناك مئا الآلاف من أبناء هذا الشعب وكانت المدن ولقرى عامرة بالزراعة والتجارة والمباني الحديثة والتراثيات الفلسطينية، التي تتحدث عن حضارة فلسطينية زاهرة متواصلة منذ أن وجد شعبنا على أرض فلسطين في زمان يخترق اعماق التاريخ.
ما يريده الفلسطينيون هو أن يعيشوا أحرارا في وطنهم، وأن تعترف اسرائيل بحقوقهم في هذا الوطن ليس مجرد اعتراف كلامي، بل من خلال رفع يدها عن رقاب المواطنين الفلسطينيين وافساح المجال لهم ليتولوا شؤونهم باستقلالية وكرامة. كل شعوب العالم تتمتع بهذه الحريات، ومن حق شعبنا أن يعيش حرا سيدا على أرضه، لا يضايقه فيها استيطان زاحف، ولا جدار عازل فاصل، ولا تسيطر على معابره وأجوائه ومياهه الإقليمية قوة احتلال متوطن، لا تريد أن ينزاح كابوسها عن صدور المواطنين الفلسطينيين.
الحل لهذا الصراع طويل الأمد واضح لا يحتاج كل هذا التعقيد، وتلك المفاوضات العبثية اللانهائية. الحل هو انسحاب اسرائيل عسكريا واستيطانيا من الأراضي المحتلة عام ١٩٦٧. هذا لو كانت اسرائيل تريد السلام العادل فعلا. إلا أن تحديها للإدارة الأميركية، ورفضها تجميد الاستيطان في القدس العربية ومحيطها الفلسطيني في الضفة الغربية، لا يعني سوى تكريس الاحتلال والاستيطان، وتهديد الوجود الفلسطيني الذي تتجاهله الحكومة الاسرائيلية واليمينيون المؤيدين لها.
السؤال المطروح أو الذي يتوجب على الإدارة الأميركية أن تطرحه على اسرائيل هو :هل هي مستعدة للانسحاب من الأراضي المحتلة عام ١٩٦٧؟ واذا كان اجواب بالنفي فهذا يعني ببساطة أن الحكومة الاسرائيلية لا تريد السلام، وربما هي مستعدة للذهاب حتى آخر الشوط من أجل الاحتفاظ بالأراضي المحتلة. وليس أدل على ذلك من وقوفها في وجه الإدارة الأميركية، علما بأن الولايات المتحدة كانت وما تزال الضمانة الوحيدة لبقاء اسرائيل وامدادها بكل مقومات الحياة، عسكريا واقتصاديا وسياسيا.
حان الوقت لاسرائيل أن تكشف كل أوراقها للعالم. وحان الوقت للعالم أن يتصرف بما يقتضيه رفض اسرائيل للسلام العادل. انها ساعة الحقيقة بالنسبة لاسرائيل :فهل هي مع السلام العادل فعلا لا أقوالا، أم هي ضده، مع كل ما يعنيه هذا الرفض من عواقب ومحاذير لا أول لها ولا آخر؟.
المفضلات