المقدم الشلول: الاحتيال.. الاستيلاء على أموال الغير باستعمال وسائل يشوبها الغش أو الخداع
حيل وأساليب لا تخطر على بال احد.. محتالون يسرقونك برضاك في وضح النهار!!

حيل وأساليب جديدة يبتكرها ويتبعها المحتالون والنصابون لا تخطر على بال احد للايقاع بضحاياهم والتواري عن الانظار.
ومن الاساليب الحديثة للاحتيال ترخيص شركات في الصناعة والتجارة وفتح حساب مالي لاقناع الزبائن بصدقهم وجديتهم في العمل.
وتتلخص عمليات الاحتيال بشراء بضائع ومواد عينية وبمبالغ مالية مرتفعة ويتم الدفع بواسطة شيكات مؤجلة لفترة معينة وبعد استلام البضاعة يتم بيعها باسعار اقل من التكلفة بحجة الحاجة الى السيولة.
احد الضحايا
محمود أبو سنينه احد الذين وقعوا ضحية عملية نصب بمبلغ حوالي 45 الف دولار, قال إن التاجر أو المواطن ينبغي أن يكون حريصاً, فقد يظهر هؤلاء النصابون, بمظهر الحمل الوديع والتاجر المخلص لكنه يخفي في داخله شراً مستطيراً.
وأضاف: أسوأ فئاتهم, ممن يقومون بتسجيل شركات وهمية, ويضعون أموالا في البنوك, للحصول على الشيكات, وبعد الترخيص يسحبون أرصدتهم, وتبقى لديهم الشيكات كأفضل وسيلة لمزاولة النصب والاحتيال, وتختفي عناوين سكناهم وشركاتهم.
ولقطع الطريق على هؤلاء النصابين, وحتى لا تنطلي هذه الحيل وعمليات النصب على أناس آخرين ويشربون من الكأس نفسه, وتجفيف منابعهم, طالب بتضافر الجهود كافة, وتعاون البنوك من خلال بيان وجود رصيد أو عدمه للشيكات أو الشركات التي ليس لها رصيد فورا أو إلغاء رصيدها نهائيا من خلال توفير خط ساخن للرد على استفسارات التجار وأصحاب الشركات ليكونوا أكثر قدرة على الاستعلام عن أصحابها, حيث تعمل البنوك على إرشاد المواطنين بكيفية الحصول على شيكات موثوق بها.
وقال ابوسنينة: ينبغي على الجهات المعنية سرعة التنسيق فيما بينها للحد من هذه الظاهرة عبر اتخاذ أسرع الإجراءات التي تراها مناسبة, ولتكون تلك الإجراءات رادعاً لهم ولغيرهم. وأخص وزارتي الصناعة والتجارة, العدل والأمن العام وأجهزتها. ومؤسستي المدن الصناعية وتشجيع الاستثمار والبنك المركزي الأردني وغرفتي صناعة وتجارة الأردن.
الامن العام
ويوضح رئيس شعبة المتابعة والتحقيق الخاصة في إدارة البحث الجنائي المقدم خالد الشلول أن المشرع الجزائي, لم يُعرّف, جريمة الاحتيال لذلك فقد عرف الفقه القانوني, الاحتيال بأنه الاستيلاء على أموال الغير, من خلال استعمال وسائل يشوبها, الغش أو الخداع, و يؤدي إلى وقوع المجني عليه, في الغلط و تسليم المال الذي في حيازته للجاني.
الرأي القانوني
ويقول المحامي إبراهيم البخيت, الشركة هي شخص معنوي يقاضي ويقاضى بصفة عامة, بمعنى إن الشركة لها شخصية معنوية تستقل بها, حيث يتم قيد القضايا لحسابها, وقد يتم قيدها عليها.
وأضاف: إلا أن الأمر يختلف بالنسبة للقضايا الجزائية, فكما هو معروف فان العقوبات الواردة في قانون العقوبات الأردني والمتعلقة (بحجز الحرية القانوني) الحبس والتوقيف فان مناط انطباقها محصور بالشخص الطبيعي (الافراد). وهو أمر يتفق وطبيعة هذا الشخص ولا يتفق وطبيعة الشخص المعنوي (الشركة), وعليه وفي هذه الحالة مدار التحقيق الصحافي, فان هذه الشركات وبهذه الصفة لا يمكن إيقاع العقوبة المترتبة على جرم الاحتيال التي مناطها الحبس, وخصوصا في الشركات التي تكون شخصيتها مستقلة تماما عن شخصية الشركاء.
وقال البخيت: إن منطق الأمور وفلسفتها يقضي بأن القانون يجب ان يواكب التطورات وجميع المستجدات التي تطرأ على المجتمعات التي ينظمها هذا القانون, مشيرا انه كان الأجدر بأصحاب العلاقة إعادة النظر في التشريعات المنظمة لهذه الحالة, من خلال ادخال التعديلات المناسبة التي تضمن سلامة التصرفات المالية لهذه الشركات التي يحصد منافع عملياتها غير المشروعة أصحابها أي الشركاء.
وأشار: من الملاحظ هنا ان هذه الشركات ترتكز في عملياتها المالية على إعطاء شيكات من دون رصيد اعتمادا على اسم الشركة ووجودها الرسمي والقانوني, والكل يعلم النتائج السلبية لهذه الجريمة التي تنطوي على إلحاق اضرار عامة تتعدى المتضررين من هذه الشيكات إلى إرباك اقتصاد الدولة والإضرار به.
وقال الشلول: ان لهذه الجريمة مميزات خاصة تميزها عن غيرها من الجرائم كون الجاني يرتكب جريمته بحضور المجني عليه وبعلمه ورضاه, سواء بإبرام اتفاقية أو صفقة معينة مع المجني عليه بأسلوب احتيالي يستحوذ فيه الجاني على أموال المجني عليه مقابل هذا المشروع الوهمي الكاذب أو الحادثة التي لا حقيقة لها أو أن يتخذ الجاني اسما كاذبا أو صفة غير حقيقية فيحصل بموجبها على أموال أو سندات تتضمن تعهداً.
واشار المحامي البخيت ان هناك عددا من المقترحات العملية التي يمكن اعتمادها , حلا لهذه الظاهرة المنتشرة والمتفشية في السوق الأردني, ابرزها العمل على إيجاد وإدخال التعديلات القانونية المناسبة, وإصدار التعليمات اللازمة فيما يتعلق بالصناعة والتجارة التي تضمن وجود شركات حقيقية وعملية وليس شركات وهمية.
وطالب الشلول عدم الوثوق برسائل الربح التي تتطرق الى الجوائز المالية وتأشيرة الدخول والسيارات من خلال البريد الالكتروني. منوها انه يجب بهذه الحالات على متلقي هذه الرسائل تحري مصدرها بالرجوع إلى أهل الاختصاص.
وقال البخيت: من ناحية مالية يجب ان يتم الاشتراط على هذه الشركات اثناء عمليات البيع والشراء من خلال الشيكات, ان تكون هذه الشيكات مصدقة من البنك الذي يصدرها, وكذلك إدخال التعديلات المناسبة على قانوني الشركات والعقوبات فيما يتعلق بمسؤولية الشركاء جزائيا عن اعمال الشركة إذا انطوت على اعمال احتيالية.
رأي الشرع
يقول الأستاذ بجامعة العلوم الإسلامية العالمية, د. حمدي مراد: لقد طفت على سطح المآسي الاقتصادية في العالم بعامة, ومنها بلادنا, ظاهرة الشيكات المرتجعة التي أصبحت مؤشراً لتراجعين واضحين مؤلمين: الاول التراجع الاقتصادي الذي يتسارع نزولاً, وأما الثاني فهو التراجع الأخلاقي في التعامل الاقتصادي, وهبوط مستوى الضمير والذمة إلى درجة غير معقولة.
وأضاف: لم يعد هناك من رادع يكفي رغم كل الإجراءات القانونية المعمول بها لمواجهة هذه المشكلة, لا بل أزمة المال والأخلاق غير المألوفة, ولا المشهودة قبل عقود من اليوم.
وقال مراد: اعلنت فتوى تحريم إصدار أي شيك, يُعلم مصدره أنه لا رصيد له وقت صرفه, وذلك لما ينتج عنه من أضرار متعددة, منها الإضرار بمن استلم الشيك حيث يكون على الغالب بحاجة إلى هذا المال, وربما (جيّره) لمحتاج آخر أو لشخص له عليه دين, فانعقد على ذلك ضرر آخر وقد تحصل مشاكل لا حصر لها أحياناً نتيجة ذلك.
وتابع د. مراد: أضف إلى ذلك الأحكام المنبثقة منها, كالكذب, الاحتيال, التدليس, التسويف, الخسارة, فساد الألفة والتنازع, فقدان ثقة الناس به, والإعراض عن التعامل معه, وغيرها ويصبح سبباً في التضييق والتعسير على الآخرين بسببه, ويفتح باب التنازع عبر المحاكم فيشغل نفسه والقضاء والشهود, بسبب عبثه وإضاعة وقت الناس والدولة سدى لفعلته.
وقال د. حمدي: لهذا ولغيره فإنه لا يخفى تحريم إصدار الشيكات بغير رصيد لها وأن فاعلها آثم سيحاسب يوم القيامة على ذلك, وأنه جاز لولي الأمر (القانون) أن يعاقب عقوبة رادعة لمقترف هذا الحرام لأنه مسيء لنفسه ولغيره قطعاً, والرسول صلى الله عليه وسلم يقول ناهياً نهياً تحريما (لا ضرر ولا ضرار), والله أعلم.
واشار الشلول إلى ضرورة إبلاغ اقرب مركز شرطة حال التعرض لاية عملية احتيال وعدم التحرج أو الخجل أو التباطؤ في تقديم الشكوى. موضحا ان مديرية الامن العام تدعو الجميع إلى عدم الانجراف وراء العاطفة بالتعامل مع أي شخص بصورة عشوائية وإقامة علاقات مع مثل هؤلاء الاشخاص إلا بعد التأكد منهم عن طريق الاهل وبالطرق الاعتيادية كي لا يقعوا ضحية عملية احتيال مبينا انه يتوجب عليهم إبلاغ الجهات الامنية بمثل هكذا قضايا ليتم القبض على الجاني حتى لا يفلت من العقاب القانوني.
ولاخذ رأي مدير عام مراقبة الشركات, اتصلنا بمكتبه منذ اسبوعين ولم يردنا جواب.
الظاهرة تستحق الدراسة والمعالجة, خصوصا إذا تبين أن فئة من أصحاب هذه الشيكات المرتجعة يتخذونها وسيلة للنصب والاحتيال إضافة إلى الوسائل الأخرى, التي باتت معروفة ومعلومة لدى أجهزة الدولة المختلفة, ومؤسساتها الحكومية والأهلية.
المصدر : الحقيقة الدولية - العرب اليوم - عبد الله اليماني 24.4.2010
المفضلات