تحطم المتدينين القوميين
كان الحلف بين العلمانيين والمتدينين القوميين دائما جانبا مهما جدا من الصهيونية، لكن اذا كان يوجد شيء تبين في السنة الثانية والستين لدولة اسرائيل فهو أن مصطلح «المتدين القومي» أخذ يصبح غير ذي موضوع.
انهار الحزب الذي مثل الجمهور المتدين القومي، المفدال منذ زمن، وتوزعت أصواته بين الاحزاب العلمانية وعدد من شظايا الاحزاب المتدينة. أثبتت طائفة من القضايا التي نجمت في السنة الاخيرة، وفيها قضية الحاخام اليعزر ميلماد، أن ليس الحزب فقط، بل الجمهور الذي ينطبق عليه هذا المصطلح يتحطم أيضا.
أحد الخطوط الحاسمة داخله هو قضية العلاقة بالديمقراطية والصهيونية كحركة ديمقراطية. ان جزءا من المتدينين القوميين، ولا سيما الحريديون القوميون، انضموا الى الحريديين رافضين قبول قرارات من السلطة. كان المثل البارز على ذلك تأييد رئيس معهد هار براخا، الحاخام ميلماد لرفض الخدمة العسكرية. في مقابلة ذلك اتخذ عدد من أناس الصهيونية المتدينة القومية قرارا صعبا جدا من جهتهم وانضموا الى العلمانيين في محاولة يائسة للدفاع عن الديمقراطية والصهيونية في وجه القوى الكثيرة التي تهددها. لم يكن من الممكن عدم الانتباه الى أنه لم ينشأ نضال حقيقي لمواجهة ابعاد معهد هار براخا عن اطار معاهد التحضير للخدمة العسكرية.
وكان الخط الحاسم الثاني دينيا – ثقافيا وهو ابتعاد أجزاء من الجمهور المتدين القومي عن الحياة العصرية؛ فمطالبهم بالحشمة والفصل بين الجنسين تنافس أشد مطالب الحريديين تطرفا. هددت حركة بنيه عكيفا في كانون الثاني هذا العام بمقاطعة احدى المسيرات الى غوش عتصيون بسبب ظهور فرقة عسكرية مختلطة في مراسم انهاء المسيرة. حذر تقرير مركز تئوف الذي نشر في الاسبوع الماضي من أن العدد الذي يزداد من طلاب الدراسة الحريدية ممن لا يدرسون الموضوعات العامة يعرض وجود الدولة للخطر. لكنه يوجد في الجمهور المتدين القومي فئة كبيرة أخرجت هي أيضا الدراسات الأساسية من مدارسها.
في مقابلة ذلك أخذ يتبين لكثير في الجمهور المتدين القومي المعتدل أن المتضررين الرؤساء من القهر الديني هم النساء. فهن مثلا اللاتي لا يستطعن الالتفاف على المحاكم الدينية التي تظلمهن حقهن. وهم ايضا يستنتجون استنتاجات. في الكنيست السابقة، كان أكبر محاربين للارغام الحريدي هما عضوا كنيست من المتدينين القوميين: ميخائيل ملخيئور ومناحيم بن ساسون. وفي الانتخابات الاخيرة لرئاسة بلدية القدس انضم أكثر الجمهور المتدين القومي الى العلمانيين وساعد في انتخاب رئيس البلدية العلماني نير بركات.
يقع في الوسط أناس «البيت اليهودي»، الذين ربما ما زالوا يؤمنون بأنهم جسر بين الجمهورين، لكنهم في واقع الأمر يجلسون على السور العالي بين المجتمع الصهيوني والمجتمع المتمايز ويرفضون النزول. انتقد وزير العلوم، دانيئيل هرشكوفيتس رفض الخدمة العسكرية والمظاهرات في الجيش الاسرائيلي لكنه طلب ألا يعاقب معهد هار براخا. وكان هرشكوفيتس أيضا الصوت الذي رجح في الحكومة نقل غرفة طوارىء مشفى بارزيلاي. فلا عجب أن يترك الناخبون هذا الحزب. فالناخبون لا يحبون وضع اصواتهم على الجدار.
ستثور ان عاجلا أو آجلا الحاجة الى تعود التفكير في المتدينين القوميين على أنهم جمهوران أو أكثر. وسيضطر مؤيدو البيت اليهودي ان عاجلا أو آجلا الى اختيار طرف – هل ينضمون الى الجمهور المتنكر للمشروع الصهيوني، أم ينضمون الى جهد انقاذ الصهيونية من الأخطار على الديمقراطية والأخطار الاقتصادية. من المهم أن يحدث هذا سريعا لئلا يصبح متأخرا جدا.
شاحر ايلان
هآرتس الاسرائيلية
المفضلات