(137)
حالة طلاق نتيجة زواج البدل
محمد الزيود - لم تتوقع سهام الأم لثلاثة أطفال يوماً أن ينتهي زواجها السعيد بعد (12) عاماً بسبب طلاق أخت زوجها المتزوجة من أخيها بدلاً؛ ليرد زوجها الاعتبار لأخته المطلّقة حسب رأي العائلة.
»زوّجني أختك وتزوّج أختي».. مقولة يرفضها جيل الشباب لترابط حياة الأزواج وتأثرها بأقل المشاكل، في الوقت الذي يتمسك بها الآباء والأجداد حفاظاً على شجرة العائلة.
زواج البدل من التقاليد الاجتماعية القديمة التي يعتقد أنها تزيد علاقات الأهل قوة ومتانة، وتحافظ على العادات والتقاليد الأسرية، والاهم تحفظ الثروة أو الميراث ضمن أجواء العائلة، اشتهر البدل بين العائلات البدوية والقروية وامتد إلى الأسر الصغيرة لتحافظ على جذورها.
ونهى الرسول عليه الصلاة والسلام عن زواج البدل (الشغار)، وعن عمران بن حصين قال رسول الله (لا شغار في الإسلام).
وفي السياق؛ قال سليم سلمان (موظف): «إن زواج البدل شائع لدينا داخل العائلة، مما جعلنا أسرة كبيرة، كما نطلق على أنفسنا، وقليل جداً من أفراد أسرتي الذين تزوجوا من خارج العائلة، فوالدتي وخالتي تزوجتا من أبناء عمومتهما، وكبرت أنا وأبناء عمي، الذين هم أولاد خالتي في الوقت نفسه داخل منزل واحد، وشاءت الأقدار أن يتزوج شقيقي الأكبر من ابنة خالتي، وعاشا معنا في المنزل ذاته.
واضاف: كنت أرى السعادة التي يعيش فيها أخي ومدى رضا والدتي عن زوجة ابنها، ما شجعني على طلب الزواج من ابنة خالتي، فأنا لاحظت بأنه إذا حدثت مشكلة بين شقيقي وزوجته فإن العائلة كلها تتدخل لحل الخلاف سريعاً واحتواء المشكلة، وهذا الأمر يعتبر دليلاً على تماسك الأسرة وقوة ترابطها على العكس مما إذا كانت الزوجة غريبة.
ووافقته الرأي سهاد سرحان (معلمة) بالقول: «زواج أبناء العمومة جيد لحماية كيان الأسرة من التفكك أو دخول أشخاص غرباء بينهم، كما أنه يحافظ على استمرارية اسم العائلة ونسبها، فأنا متزوجة من ابن عمتي منذ خمسة عشر عاماً، ولي منه أولاد كثيرون، كما توجد حالات زواج كثيرة تشبهنا داخل العائلة، وعلى عكس ما يردده البعض حول وجود مشكلات أو حدوث قطيعة، فإننا عائلة متماسكة ومحبة إلى أبعد الحدود، وإذا حدث خلاف بسيط بين أي زوجين فهذا أمر طبيعي ووارد داخل كل الأسر».
وخالفهما الرأي سعد الدسوقي وقال «إن الزواج من غير الأقارب وخارج نطاق الأسرة مجدد للدماء، وإذا كان الأهل يسعون إلى تحقيق فائدة من هذا الزواج بتعميق الروابط الأسرية، فإن هذا الأمر يمكن أن يتحقق في أي زواج خارج نطاق العائلة».
من جانبها أشارت ميرفت سكريه (ربة منزل) إلى أن هذا الزواج كان منتشراً في السابق، خصوصاً بين أبناء العمومة، لكنه لم يعد متماشياً مع واقع العصر الذي نعيشه، لذا أرفضه تماماً.
وقالت: «إذا كان الاعتقاد بأن زواج البدل يزيد الروابط الاجتماعية ويعمقها داخل الأسرة المتصاهرة من بعضها بعضاً، يمكن أن يتحقق هذا الأمر وينجح في أي زواج آخر وأسرة جديدة لا تربطنا بها علاقة قرابة، لأن ما يحدث عند أحد الزوجين ينتقل إلى الزوج الآخر وينعكس عليه، وعلى سبيل المثال إذا انتهى أحد الزواجين بالطلاق لأي سبب، نجد أن الزواج الآخر ينهار ويحدث الطلاق، مع أنه لا يوجد ما يوجب الطلاق، فما هو ذنب الزوجة التي تعيش سعيدة مع زوجها وأطفالها حتى تنهار حياتها هكذا وبكل بساطة؟!».
فيما اعتبرت أسيل حماد (أخصائية اجتماعية) «أن ظاهرة زواج البدل من الموروثات الاجتماعية المنتشرة بصورة كبيرة في الوطن العربي، ولا تزال هذه الظاهرة تجد من يؤيدها ومن يعارضها على حد سواء، فمن جهة هي تحفظ تقارب الأهل وتمازجهم مع بعضهم بعضاً، وتعمل على زيادة القربى وتقويتها، ومن جهة أخرى نجد أن المعارضين ينظرون لها نظرة سلبية لما يسببه ذلك التمازج والتقارب من أمراض وراثية قد تصيب الأبناء، وتضفي على الأسرة جواً من الحزن والكآبة، بالإضافة إلى حدوث مشكلات أسرية قد تصل إلى عائلة كلا الزوجين».
وأضافت: أن ظاهرة زواج الأقارب من التقاليد المتبعة كثيراً لدى العائلات القروية ولا تزال مستمرة، لارتباطها بالعادات والتقاليد التي لا تحبذ خروج الابن عن نطاق العائلة، وكذلك المحافظة على الإرث، وإن تراجعت هذه الظاهرة في الحضر بنسبة معقولة.
ورأت حماد أن إقبال الشباب والفتيات على الزواج أصبح من خارج نطاق الأسرة، بسبب الوعي الصحي المتزايد، خصوصاً مع ضرورة إلزامية فحوصات ما قبل الزواج التي عرفت الكثيرين بخطورة بعض أمراض الدم الوراثية.
من جهتها قالت نائب المدير العام لاتحاد المرأة مكرم عودة «إن زواج البدل يعمل على ضياع حقوق المرأة فهو أكثر انتشاراً في الأرياف والبوادي، بسبب العادات والتقاليد، حيث يعتبر مهر الفتاة في مثل هذا النوع من الزواج بسبب البدل».
وأشارت إلى أن عدد الحالات التي راجعت دار الضيافة في اتحاد المرأة الأردني ولا تشمل جميع الحالات في المملكة (6500) حالة طلاق منها (137) حالة طلاق نتيجة زواج البدل.
وبيّنت عودة أنه لا يوجد فوائد لزواج البدل في المجتمع، لأنه يعمل على إيجاد مشاكل كبيرة بين الأسر بسبب هذا الزواج، فإذا وقعت مشاكل وطلاق بين أحد الأزواج دفعت الزوجة في الزواج المقابل الثمن دون ذنب يذكر.
وأضافت أن الأهل سبب رئيس في وقوع زواج البدل، بحجة الحفاظ على أموال العائلة والميراث أو بحجة الخوف على الفتاة من العنوسة.
وأوضحت أن زواج البدل بدأ بالتلاشي في الأردن مقارنة بالسنوات السابقة، بسبب وعي المرأة وانتشار التعليم.
وحول دور اتحاد المرأة في الحد من هذا النوع من الزواج قالت عودة «يقوم الاتحاد بشكل مستمر بعقد دورات توعية للسيدات والأهالي في مناطق مختلفة من المملكة حول مضار زواج البدل».
من ناحيتها قالت المستشارة القانونية في اتحاد المرأة مرام مغالسة «سمي زواج البدل أو (الشغار) بهذا الاسم لعدم وجود المهر فيه».
وأشارت إلى أن الرسول عليه الصلاة والسلام نهى عن هذا الزواج، بقوله «لا شغار في الإسلام».
وأوضحت مغالسة أن سبب النهي عن زواج البدل، لأن الزواج إن كان فيه اشتراط أو كان فيه إكراه والاشتراط يحتمل الإكراه، لأنها وإن كرهت زوجها يكرهها الولي ليحصل الزواج الثاني وتكون هنا الزوجة رهن أمرها في يد الوكيل مقابل مصلحته بإتمام الزواج الآخر.
وأشارت إلى أن قانون الأحوال الشخصية أجاز اشتراط الشرط النافع لأحد الزوجين ولم يجز الشرط المنافي لمقاصد الزواج أو اشتراط ما هو محظور شرعاً.
وأضافت أن المادة (34) من قانون الأحوال الشخصية نصت على أن الزواج يقع فاسدا إذا عقد بالإكراه.
وبينت أنه من الناحية القانونية في حال لم يتم تسمية المهر ووقع العقد صحيحاً فهنا وجب المهر للزوجة في ذمة الزوج، ووجب مهر المثل في حال لم يسمَ المهر أو نفاه الزوج.
المفضلات