مقالات
سيدة اجنبية
اثارت فضولي، بعد حوار قصير، ذلك انها احبطت توقعاتي التي بنيتها للوهلة الاولى فقد تخيلتها على غير ما كانت علية حقيقتها التي كشف عنها الحوار, وهذه احدى سقطات الحكم على الاخر سنداً للمظهر الذي احياناً لا يعكس حقيقته.
لفتت انتباهي بسلوكها منذ البدايات وحين تحدثت شدتني لحديثها ليس لاسباب محتواه ولكن لأسلوب الحديث الذي جاء مناقضا لمظهرها حسب توقعاتي.
حين وقفت بالباب قلت هذه واحدة من نتاج حضارة العولمة التي غزتنا، فاستلبت منا بصمة شخصينا وصارت المرأة الحديثة مصبوغة بالوان غربية طالت جميع مظاهر بنية المرأة المتعولمة عندنا.
انقل هنا الحوارالذي اثار فضولي, بالصيغة والهيئة والتراكيب التي جاء عليها:
طرقت الباب بهدوء رغم انه كان مفتوحاً وقالت :
- ممكن ادخل؟ جاء جواب المديرة...
- اهلا وسهلاً – دخلت وبقيت واقفة، وبعد لحظة سألت :
- اتسمحين لي بالجلوس؟ جاءها الجواب :
- تفضلي. جلست وصمتت وحين سألتها المديرة :
- اي خدمة؟ اجابت
- عفواً. اعذري تطفلي، الاخت عندك قبلي، الاولوية لها. وحين جاءها الجواب
- الاخت ضيفة. قالت :
- اذن... اعتذر مرة اخرى على المقاطعة.
هذا الحوار و السلوك والخطاب احبط توقعاتي التي رسمتها عنها، ذلك انني حين لمحتها مقبله حدثت نفسي بما سيكون عليه الحوار الذي ستحاول فيه هذه المتأنقة ارسال رسالة طالما حاولت الكثيرات ان يوصلنها وغالباً ما ينجحن لكن ليس كما كن يتوقعن، حين تأتي النتيجة ادانه للسلوك المتفرنج !
مثلا:
هي كان يجب بداية ان تدخل دون استئذان، ومع ثم تجلس دون انتظار لاذن وان تستحضر كل ما حفظته من الفاظ وعبارات اجنبية لترسم انطباعاً بان ثقافتها « اجنبية « وبالتالي لا بد ان يعلم من امامها ذلك كي يعرف كيف يتعامل معها، ثم لنا ان نتخيل على اي شكل سيكون الحوار المستفسر عن ما جاءت تسأل عنه وأن نرسم كيف ستكون نهايات الحوار ايا كانت نتائج هذا الحوار.
سؤال واحد. سألته السيدة، ضاعف من فضولي ودفعني الى التدخل ذلك انها حين ارادت ان تسأل عن «اجراءات « التسجيل المطلوبة للاستفادة من خدمات المؤسسة تاهت عنها كلمة «اجراءات « فانتابها الارتباك وحاولت استقدام اللفظ باستبدالها بعبارة طويلة، مما دفعني للتدخل دون وعي فاذكرها بكلمة «اجراءات» عندها احمر وجهها وقالت :
- شكراً لك... اسعفتني... لا تؤاخذيني.
بدا واضحاً ان هذه السيدة ليست من اصول عربية فدفعني فضولي فسألتها فجاء الجواب المذهل !
انا بريطانية الاصل والمولد والنشأة، اعيش هنا منذ عشر سنوات مع زوجي، تعلمت العربية على اصولها احياناً تغيب عني كلمات !
اللافت انها لم تستخدم لفظة اجنبية واحدة في كل حوارها برغم انها سيدة اجنبية على عكس الكثيرات من المتعولمات اللواتي تتزاحم العبارات الاجنبية في احاديثهن رغم انهن من « اصول عربية «.
سهى حافظ طوقان
المفضلات