فالحصان العربي إذا انطلق بعيداً عن مربطه فهو لا يُـخطئ طريق عودته مهما بعُدت المسافات،
وذلك يرجع إلى انتمائه ووفائه الذي يـؤكده موقفه النبيل عندما يسقط الفارس من فوق ظهره،
فهو يظل إلى جانبه يـحرسه ويحاول إفـاقته من غيبوبته وإنهاضه من رقدته.
صورة لخيل وهي تقفز فوق أحد الحواجز في في ميدان السباق
وقد حدث في إحدى الدورات النهائية لـبطولة العالم في القفز على الحواجز التي أُقيمت في ألمانيا الغربية
عام 1983م، وهى من أصعب مـباريات الفروسية، إذ تبلغ مسلحتها سبعة كيلو مترات يتخللها 32 حاجزاً
متفاوتاً الإرتفاعات .. حدث أن سقط الفارس السويسري " آ رنست بومان " من فـوق ظهر جـواد عربي
أصيل وارتطم رأسه بخشبة الحاجز فلقي مصرعه. فـوقف جواده حزيناً بجوار جثـمانه كأنه ينتظر صحوته
من غيبوبته.وعـندما وصل المشرفون وفـريق الإسـعاف زمجر الجـواد في هيجان، واعترضهم عنـد نقل
الجثمان في مركبة الإسعاف، فاضطروا إلى وضع الجثمان على ظهره، وأن يعودوا بهما من ساحة السباق
كأنه انتهى.وقد نشرت الصحف هذا الحادث في صفحاتها الأولى مـشيرة إلى مبلـغ وفاء الجواد العربي.
ولعل أبلغ قصص وفاء الحصان العربي حـادث آخر وقـع في مصر منذ عـدة سنوات أبرزته الصحف
في حـينه، وخلاصتـه: أن أحـد أصحاب مزارع إنتاج الخيول كان شغوفاً بجواد معين في مزرعته،
يرعاه بنفسه، ويعتني كثيراً بنظافته وإطعامه وتدريبه، وفى صباح أحد الأيام فـيما كان الرجل يتفقد خيول
مزرعته كعادته، أُصيب بنوبة قلبية سقط على إثرها فاقد الحياة على مشهد مـن جواده المحبب،
فأضرب الجواد عن الطعام والشراب منذ ذلك اليوم، وتملكته حالة عصبية مصحوبة باضطراب وهياج
كلما حاول إنسان الاقتراب منه، وفشل الطب البيطري فـي عـلاجه، ولما يئس من الانتظار تحرر من مربطه
وانطلق نـحو مرتفع في المزرعة فسقط ونفق على الفور، وفارق الحـياة التي رحـل عنها صاحبه !!
( المجلة العربية، العدد: 270، ص: 76.).
المفضلات