[color="black"]]
في أيامنا الحالية نجد القلّة القليلة من يُعطي جزءاً من أوقاته للمطالعة والقراءة الذاتية، فعصر الإنترنت وأجهزة النقال وسيلتان أشغلتا أفكار بعض الأبناء والأحفاد باستعمالاتهما الكثيرة والمتنوعة، وأصبحت غالبية الأجيال مشغوفة بقضاء جلّ أوقاتها مع هذه الأجهزة الحديثة. فأهملت الكتب وباتت تركن في زوايا مهمّشة؛ تآكلت بسبب الأهمال والنسيان.
والسبب المباشر لكل هذا هو عدم إيمان بعض الشباب بالقراءة الذاتية بادعائهم (لا قراءة بوجود هذه الأجهزة، فكل ما نريد نجده على هذه الشاشات الصغيرة).
إجابات سلبية أجدها قاصرة لا يمكن لها أن تلغي الفائدة القصوى والمتعة الرائعة التي يمنحها لنا الكتّاب وهو بين أيدينا. ففي قراءة القصة، أو الرواية، أو الشعر، أو الحصول على أية معلومة من خلال قراءتنا الذاتية أثناء فراغاتنا أو ما قبل النوم بقليل، سنجد أن لهذه القراءات نكهة فريدة نعيش معها أحلى اللحظات وأجملها حيث تمنحنا استرخاءً ودافعية إلى نومٍ هادئ عميق خاصةً بعد أرق مزعج. عكس المكوث طويلاً أمام شاشة الإنترنت، أو اللهو على جهاز الخلوي. فغالباً، ما يؤثر سلباً على الصحة والراحة. ويشغل العقول بها، لتصبح مدعاة للعزوف عن المطالعة والقراءة الذاتية.
والمسؤولية تقع أولاً على عاتق الأسرة، ويعتبر قصوراً منها حيث أنها هي المعنية بالدرجة الأولى على تعويد أبنائها ممارسة القراءة والمطالعة منذ الصغر، عن طريق سرد القصص المشوّقة لهم وتقديم المعلومات الهامة من خلالها في مرحلة ما قبل المدرسة، هذا نهج سليم لا بد من سلوكه من خلاله نكتشف ميول كل طفل عما يحب من الكتب. وما هي ردود الإفعال لديهم، متبعين معهم طريق المشاركة بأسلوب محبب وتوجيه أسئلة محددة على سبيل المثال: ماذا فهمت من هذه القصة؟؟ ما رأيك أن تسرد لي قصة ومن خيالك؟؟ هذه طريقة مثلى تبيّن لنا ما يحب من الكتب، فبعد دخوله المدرسة وتمكّنه من القراءة، نتيح له فرصة اختيار الكتب التي يستمتع بقراءتها، لنستكمل الصورة المنشودة من تفاعله عما يقرأ.
ولحسن الحظ أن بعض الآباء والأمهات اليوم أصبحوا واعين ما لهذه القراءات الذاتية من فوائد جمّة في صقل شخصيات أبنائهم كونها تُنمّي فيهم قدرات كبيرة من عقلية وفكرية تجعل منهم أفراداً مميزين بثقافتهم، وأصحاب معرفة متنوعة تقودهم إلى الارتقاء والنجاح، وتساعدهم على شق طريق مستقبلهم بوعيٍ واقتدار. في الوقت الذي حُرمنا نحن الكبار من هذه الفرص، مع أننا كنّا توّاقين للتزود بالمعرفة والاطلاع منذ الصغر، فمن أجل الحصول على ما نريد استطعنا أن نخلق فرصاً ذهبية أفرحتنا فيما بعد. فمن مصروفنا اليومي تمكّنا شراء ما نُحب من الكتب التي تشبع ميولنا، نمضي جلّ ساعات الفراغ بالتهام ما جاء فيها من أفكار ومعلومات جديدة.
وعندما نلتقي ببعض الصديقات الشغوفات بالمطالعة نتّفق معاً على استعارة وتبادل الكتب ضمن مدة محددة كان لهذا الأسلوب دور مهم زوّدنا بكثير من الكتب المتنوّعة والمفيدة وكوّن بيننا شبكة تواصل اجتماعي فريدة من نوعها تعلو فيها النقاشات الثقافية والسياسية.
وأصبح الكتاب بالنسبة لنا يُشكّل جزءاً هاماً في حياتنا، تُدار حوله اللقاءات الحميمة والحوارات التي اتّسمت باستثناءات لها خصوصية، ساعدتنا لاحقاً على الارتقاء في إدارة الاجتماعات التي فرضتها الوظيفة بكل ثقة وإرادة. وعوّدتنا على حُسن الإصغاء لكافة الأفكار المطروحة، وفهم فحوى كل فكرة بوعي وإدراك، حيث تنقلنا نهايةً إلى تفعيل أفضلها وأكثرها فائدة.
[/color
نقل من جريدة الراي
قسم : المقالات
بقلم : نجاح المطارنة
المفضلات