وزير الصحة الأسبق زيد حمزة، إن على المتضررين من الأخطاء الطبية اللجوء إلى القضاء بدلا من التظلم لدى وزارة الصحة ونقابة الأطباء.
وأكد حمزة في تصريحات خاصة لـ"السبيل"، أن لجان التحقيق المشكلة من قبل "الصحة" أو النقابة لا تقدم حلولا للمواطنين. وتابع: "أنا ضد جميع هذه اللجان، وللأسف فإن المتضرر يجهل حقوقه التي كفلها له القانون".
ويوضح الوزير الاسبق أن "القضاء والمدعي العام هما الفيصل في شكاوى المواطنين، فلا يجوز للمشتكي أن يذهب للوزارة كالمتسول ويبقى لفترة طويلة بانتظار نتائج التحقيق".
ويضيف حمزة أنه ضد اللجان المشكلة سلفا من قبل الوزارة، "فلن ينصف المواطن سوى القضاء الممثل في محاكمنا الأردنية".
تصريحات حمزة تأتي في ظل شكاوى كثيرة تلفت إلى تكتم وزارة الصحة على نتائج لجان التحقيق، حول تظلمات مواطنين يؤكدون تعرضهم لأخطاء طبية قاتلة.
ويلفت متضررون إلى أن كثيرا من تظلماتهم تذهب أدراج الرياح، بعد تقديمها إلى الوزارة ونقابة الأطباء.
ويؤكد مصدر في الوزارة لـ"السبيل"، أن نتائج التحقيق التي تشرف عليها الوزارة "سرية للغاية، ولا يجوز تسريبها"، مبيناً أن كثيرا منها "يحفظ في الأدراج لسنوات طويلة".
وفي الأثناء، يكشف مصدر مقرب من ذوي الشابة دينا التي قضت نحبها قبل عام بعد مراجعتها لمستشفى الأمير حمزة، عدم تمكن ذويها حتى الآن من معرفة الإجراءات التي اتخذتها الوزارة بحق الأطباء الذين قدمت الشكوى بحقهم.
وكان مسؤول في الوزارة قد سرب خبرا للصحافة آنذاك، أكد فيه تعرض دينا لخطأ طبي أدى إلى وفاتها، بعدما كانت تهم بالدخول إلى قفص الزوجية.
قصة أخرى نشرتها "السبيل" قبل شهر، في إطار "دوامة الأخطاء الطبية"، ما زالت تنتظر نتائج تحقيق "الصحة"، والتي تؤكد فيها مواطنة تعرض ولدها محمد علي البياري 22 سنة لـ"خطأ طبي" في إحدى المستشفيات الخاصة، أدخله في غيبوبة طويلة.
تشرح المواطنة أن ابنها يغط في غيبوبة منذ 35 يوما، بعد أن أجرى له طبيب جراح عملية لتصحيح وتيرة الأنف. وتقول: "تقدمت بشكوى إلى وزارة الصحة، وأخرى مماثلة إلى نقابة الأطباء، ولغاية هذه اللحظة لم تظهر نتائج التحقيق، ولا حتى مؤشرات عن أسباب الغيبوبة".
وتضيف: "راجعنا الوزارة قبل أيام، وأكدوا لنا أن الوزير سيوفد لجنة لمعاينة حالة محمد في غرفة العناية الحثيثة يوم الأربعاء الماضي، لكن اللجنة لم تحضر لغاية هذه اللحظة".
وتزيد: "من حقي أن أعرف ما هي نتيجة التحقيق، وأن أعالج ولدي خارج البلاد إن لم يتوفر له العلاج اللازم في البلد".
من جانبه، يؤكد وزير الصحة الأسبق الدكتور عبدالرحيم ملحس لـ"السبيل"، أن لجان التحقيق المشكلة من قبل وزير الصحة مهمتها الوحيدة، الخروج بتقرير عن حال المتضرر للجهات التي يحددها الوزير.
ويقول: "هذه اللجان فنية، والأصل أن يرسل الوزير نتائج التحقيق إلى ذوي المتضرر في حال ثبوت الخطأ الطبي، وأن يقوم بتخييرهم بين تقديم شكوى للقضاء، أو حل الخلاف بالتراضي والتعويض من قبل الكادر الطبي المخطئ".
ويرى ملحس ضرورة أن تكون هنالك هيئة مشكلة من جميع الجهات الطبية لحل الخلافات بين المواطن والطبيب، ويبقى القضاء هو الخيار الأخير الذي يتم اللجوء إليه.
وعلى الهيئة المذكورة، بحسب ملحس، أن تحدد حجم العطل والضرر الواقع على المريض، ومحاولة حل الإشكالية بين الطرفين، وفي حال لم تنجح الهيئة في تحقيق مطالب المتضرر، يتم تحويل الملف إلى القضاء.
ويطالب ملحس في هذه الحالة، ألا تعتمد المحكمة في قراراتها على طبيب واحد، بل على مجموعة من أطباء الاختصاص أصحاب الخبرة الطويلة في العمل الطبي.
أما الناطق الإعلامي باسم نقابة الأطباء الدكتور باسم الكسواني، فيرى أن اللجان المشكلة من قبل الوزارة والنقابة حقيقية، وتقوم بأدوارها المنواطة بها على أكمل وجه.
ويجادل قائلاً أن اللجان "بحاجة إلى فترات زمنية معقولة، وترجع المدة إلى مدى تجاوب الجهات المعنية مع مسؤولي الملف، لا يجوز أن تُسْلَقَ الأمور، ولا يجوز أن يتعرض الطبيب أو المريض للظلم".
ويحاجج: "هناك جهات تحاول تدمير الجسم الطبي في المملكة من خلال كثرة الحديث عن الأخطاء الطبية، ومن وجهة نظري فإنه يجب ملاحقة ومساءلة هذه الجهات التي من الممكن أن يكون وراءها العدو الصهيوني!! فالكيان الإسرائيلي يسعى جاهدا إلى تشويه السمعة العلاجية للمملكة".
"وزارة الصحة تقوم بتحويل أطباء مخالفين إلى القضاء، والنقابة أيضا تحول المخالفين إلى لجان تأديبية، لكنها حالات فردية وقليلة جدا، ليس كما يصورها البعض ممن يخضعون لأجندات ظلامية!".بحسب الكسواني.
لكن رئيسة الجمعية الأردنية للسلامة العلاجية يسرى عبدالهادي تؤكد على وطنية جمعيتها، التي تعنى بمتابعة الأخطاء الطبية ومحاربتها. وتقول: "يجب أن تتسم لجان التحقيق المنبثقة عن الوزارة والنقابة بالسرعة في كشف النتائج، ومن حق ذوي المتضررين أن يطلعوا على مجريات التحقيق أولا بأول".
وتؤكد عبدالهادي أهمية أن يشعر المواطن بالأمان والرضى عن مجريات التحقيق، مبينة أن جميع الشكاوى والتظلمات التي تصل الجمعية من قبل المواطنين، توضح عدم حصولهم على نتائج التحقيق، وفقدان حلقات الاتصال ما بين الطبيب والمريض.
إلى ذلك، يرفض مدير الرقابة الداخلية في وزارة الصحة الدكتور حكمت أبو الفول التصريح لـ"السبيل" حول نتائج لجان التحقيق، مبررا رفضه بأن "المديرية التي يرأسها تحتوي على قضايا وأمور حساسة، ولا يجوز أن يتم بحثها من خلال الإعلام".
أما المكتب الإعلامي في الوزارة، فيؤكد فعالية لجان التحقيق، وعملها الدؤوب لتحقيق الصالح العام وكشف الحقيقة. ويجزم المركز بأن هناك عقوبات رادعة بحق الكوادر الطبية التي تثبت مخالفتها للأصول الطبية، من خلال قوانين نظام الخدمة المدنية والمحاكم الجزائية. ويرى مدير المركز حاتم الأزرعي أن التأخر في إظهار نتائج التحقيق أمر طبيعي، فالشكاوى كما يقول بحاجة إلى تمحيصٍ وتحرٍّ ولجانٍ متخصصة.
يذكر أن الأخطاء الطبية في المملكة تقتل 80 شخصا سنويا، وفق مصادر طبية. وبحسب تصريحات سابقة لمصدر طبي في وزارة الصحة، فإنه لو طبقت النسبة العالمية للأخطاء الطبية لا سيما الفرنسية منها، لارتفع الهامش إلى 240 وفاة سنويا.
رد مع اقتباس
المفضلات