الحقيقة الدولية – عمان – معاذ البطوش
تؤوي العديد من دور الأيتام عددا لا ياستهان به من الأطفال غير الشرعيين "اللقطاء" وهو ما يعرف بـ "أيتام من صنع البشر" حيث يعيش هؤلاء الأطفال صراعا كبيرا مع المجتمع الذي يرفض التعامل معهم نوعا ما، نظرا للطريقة التي جاؤوا بها إلى الدنيا وهي العلاقة الجنسية غير الشرعية التي يرفضها الدين الإسلامي وكافة الشرائع السماوية كما يرفضها المجتمع لأنها خارجة عن العادات والتقاليد السائدة بين الناس.
وكون المجتمع يرفض علاقة الجنس غير الشرعية فقد رفض ما ينتج عنها وهم أبناؤها، ما يؤدي في النهاية إلى ذهاب هؤلاء الأطفال أو اللقطاء إلى دفع ثمن ذنب لم يقترفوه ليجدوا أنفسهم أمام طريق مسدود حيث لا أب أو أم ولا مجتمع يقبل التعايش معهم كما هو التعايش مع الآخرين.
"الحقيقة الدولية" حاورت الشاب خالد محمد وهو "يتيم من صنع البشر" حيث بين خالد انه يعاني معاناة كبيرة بسبب ما ارتكب والداه بحقه من جرائم عندما ساهما في عذابه منذ ولادته حتى يومنا هذا، فالجريمة الأولى يبين خالد أنها مورست بحقه عندما قضيا شهوتهما التي ربما لا تتجاوز ربع ساعة فقط بطريقة غير شرعية جعلته يدفع ثمنها طوال عمره على الرغم من انه لم يساهم في تلك الجريمة.
أما الجريمة الثانية فكانت عندما أنجبته والدته ووضعته أمام مسجد في كرتونة ليجد نفسه بعد ذلك في بيت ينظر إليه أصحابه نظرة غير محترمة على الرغم من انه لم يساهم في ارتكاب هذا الجرم المنبوذ.
خالد أوضح أن قصة معاناته بدأت عندما عرف من احد أبناء جيرانه وهو في سن الثامنة من عمره عندما خاطبه " أنت ابن حرام لا أصل ولا فصل لك" ليبدأ بعد ذلك البحث عن الحقيقة التي وجدها عند شقيق السيدة التي ربته، حيث بين خالد انه بعد أن فشل في العثور على الحقيقة من الرجل والمرأة اللذين ربياه توجه إلى شقيق تلك السيدة وسأله عن الأمر خاصة وأن هذا الرجل كان يعمله على انه لقيط وليس ابن شقيقته.
فما كان من "خال" خالد ألا أن أطلعه على أصله وفصله بكل سخريه وتهكم، حيث بدأ خالد منذ ذلك الوقت بالانتقال إلى عالم مجهول وبدأ صراعا مع المجتمع الذي يرفض خالد نفسه التقرب منه لان هذا المجتمع يرفض التعامل مع خالد وأمثاله.
وأوضح انه يجد سوء المعاملة من قبل أصدقائه وجيرانه وزملائه في العمل الذين أصبحوا على دراية بقصته دون النظر إليه بأي نوع من العطف والحنان.
كما بين خالد البالغ من العمر عشرين عاما انه يجد نفسه اليوم أمام طريق مجهول ويتمنى في ظل ما ارتكبه والداه من جريمة غير إنسانية في حقه أن يعثر على أهله ويجتمع بهم لكي يعرف أصله وفصله مؤكدا انه سيكون خير ابن لوالديه.
اختلاف في نظرة المجتمع
أما نظرة الشارع العام لـ "اليتيم من صنع البشر" فقد تفاوتت من شخص إلى آخر حيث يرى محمد الطويل أن التعامل مع اللقيط يجب أن يكون بكامل الاحترام دون النظر إليه على انه جاء بطريقة غير شرعية مؤكدا على انه لو تعرف على فتاة لقيطة ولديها المواصفات التي يتمناها أي شاب في فتاة أحلامه فانه سيتقدم إلى الارتباط بها والزواج منها دون النظر لماضي والدها ووالدتها.
إما حمدي أبو شعيرة فقد بين انه يتعامل مع اللقيط كأي صديق ولكن يرفض الانفتاح معه في التعامل من حيث التواصل المستمر وخاصة فيما يتعلق بأسرته معتبرا أن اللقيط لكونه ناتجا عن علاقة غير شرعية فإن هذا يجعله لا يؤتمن شره على حد تعبيره.
الكاتب والناشط الاجتماعي والمدرس السابق في قرية "sos" جعفر المعايطة يرى انه من الخطأ أن يسمى هذا النوع من الأطفال باللقطاء وإنما ربما يطلق عليها مسمى آخر وهو طفل الخطيئة أو اليتيم أو ما شابه ذلك دون المس بكرامتهم مستدلا على ذلك بان الإسلام سمى هذا النوع من الأطفال "ابن أبيه" احتراما وتقديرا له.
كما يرى المعايطة أن هذا النوع من اليتم لم يصل إلى الظاهرة وإنما هو آفة تهدد المجتمعات العربية وربما أصبحت في ازدياد ولابد من التصدي لها من خلال زيادة الوازع الديني لدى أبناء المجتمع من الشباب والفتيات، كما انه لابد من إعادة النظر في قضية العلاقات غير الشرعية والوقوف على الأسباب الحقيقية وراء انتشارها وظهورها وبيان كل جهة ودورها في مكافحتها سواء الأسرة أو المجتمع أو الحكومة، كما لابد للعلماء المسلمين وخطباء المساجد من تفعيل دورهم والوقوف على هذا النوع من الجريمة التي حذر الإسلام منها ووضع لجريمة الزنا عقوبة مغلظة وذلك من باب حفظ المجتمع والأنساب واحتراما للمرأة والرجل في أن واحد، وكذلك حفظ حقوق هؤلاء الأبناء الذين يحاسبون من قبل المجتمع على ذنب لم يرتكبوه أو حتى يساهموا في وقوعه، فهم ضحية شهوة مؤقتة لشخصين.
كما طالب المجتمع بضرورة استيعاب هؤلاء الأشخاص والتعامل معهم بكل احترام وتقدير وتفعيل دورهم في بناء المجتمع لان رفض هذه الفئة ربما يزيد في انتشار هذا النوع من الجريمة من خلال انتقامهم نظرا لما يلاقونه من مأساة كبيرة في تعامل المجتمع معهم.
المصدر : الحقيقة الدولية – عمان – معاذ البطوش 16.2.2010
المفضلات